للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْمُضْلِعَةِ، فَلَوْلَا مَا أَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ السّكِينَةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَأَسْرَجَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ نُورِ الْيَقِينِ، وَشَرَحَ لَهُ صُدُورَهُمْ مِنْ فَهْمِ كِتَابِهِ الْمُبِينِ لَانْقَصَمَتْ الظّهُورُ، وَضَاقَتْ عَنْ الْكُرَبِ الصّدُورُ، وَلَعَاقَهُمْ الْجَزَعُ عَنْ تَدْبِيرِ الْأُمُورِ، فَقَدْ كَانَ الشّيْطَانُ أَطْلَعَ إلَيْهِمْ رَأْسَهُ، وَمَدّ إلَى إغْوَائِهِمْ مَطَامِعَهُ، فَأَوْقَدَ نَارَ الشّنَآنِ، وَنَصَبَ رَايَةَ الْخِلَافِ، وَلَكِنْ أَبَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إلّا أَنْ يُتِمّ نُورَهُ، وَيُعْلِي كَلِمَتَهُ، وَيُنْجِزَ مَوْعُودَهُ، فَأَطْفَأَ نَارَ الرّدّةِ، وَحَسَمَ قَادَةَ الْخِلَافِ وَالْفِتْنَةِ عَلَى يَدِ الصّدّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:

لَوْلَا أَبُو بَكْرٍ لَهَلَكَتْ أُمّةُ مُحَمّدٍ عَلَيْهِ السّلَامُ بَعْدَ نَبِيّهَا، وَلَقَدْ كَانَ مِنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ يَوْمئِذٍ مِنْ النّاسِ إذَا أَشْرَفُوا عَلَيْهَا سَمِعُوا لِأَهْلِهَا ضَجِيجًا، وَلِلْبُكَاءِ فِي جَمِيعِ أَرْجَائِهَا عَجِيجًا، حَتّى صَحِلَتْ الحلوق، ونزفت الدموع، وحق لهم ذلك، وان بَعْدَهُمْ، كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيّ، وَاسْمُهُ: خُوَيْلِدُ بْنُ خَالِدٍ، وَقِيلَ ابْنُ مُحَرّثٍ «١» قَالَ: بَلَغَنَا أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيلٌ فَاسْتَشْعَرْت حُزْنًا وَبِتّ بِأَطْوَلِ لَيْلَةٍ لَا يَنْجَابُ دَيْجُورُهَا، وَلَا يَطْلُعُ نُورُهَا، فَظَلِلْت أُقَاسِي طُولَهَا، حَتّى إذَا كَانَ قُرْبُ السّحَرِ أَغْفَيْت، فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ، وَهُوَ يَقُولُ:

خَطْبٌ أَجَلّ أَنَاخَ بِالْإِسْلَامِ ... بَيْنَ النّخِيلِ وَمَعْقِدِ الْآطَامِ

قُبِضَ النّبِيّ مُحَمّدٌ فَعُيُونُنَا ... تُذْرِي الدّمُوعَ عليه بالتّسجام


(١) هو شاعر جاهلى إسلامى مات أيام عثمان، وعامة شعره فى إسلامه، وحضر سقيفة بنى ساعدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>