للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حَتّى أَنْزَلَهَا بِمَكّةَ فِي مَوْضِعِ الْبَيْتِ «١» ، ثُمّ وَلّى رَاجِعًا عَوْدَهُ عَلَى بَدْئِهِ «٢» ، وَتَبِعَتْهُ هَاجَرُ «٣» وَهِيَ تَقُولُ: آللهُ أَمَرَك أَنْ تَدَعَنِي، وَهَذَا الصّبِيّ فِي هَذَا الْبَلَدِ الْمُوحِشِ، وَلَيْسَ مَعَنَا أَنِيسٌ؟! فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: إذًا لَا يُضَيّعُنَا «٤» ، فجعلعت تَأْكُلُ مِنْ التّمْرِ، وَتَشْرَبُ مِنْ مَاءِ الْقِرْبَةِ، حَتّى نَفِدَ الْمَاءُ، وَعَطِشَ الصّبِيّ، وَجَعَلَ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ «٥» ، وَجَعَلَتْ هِيَ تَسْعَى مِنْ الصّفَا إلَى الْمَرْوَةِ، وَمِنْ الْمَرْوَةِ إلَى الصّفَا؛ لِتَرَى أَحَدًا، حَتّى سَمِعَتْ صَوْتًا عِنْدَ الصّبِيّ، فَقَالَتْ: قَدْ أسمعت، إنْ كَانَ عِنْدَك غَوْثٌ، ثُمّ جَاءَتْ الصّبِيّ، فَإِذَا الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ خَدّهِ، فَجَعَلَتْ تَغْرِفُ بِيَدَيْهَا، وَتَجْعَلُ فِي الْقِرْبَةِ. قَالَ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَوْ تَرَكَتْهُ لَكَانَتْ عَيْنًا، أَوْ قَالَ:

نَهَرًا مَعِينًا، وَكَلّمَهَا الْمَلَكُ، وَهُوَ جِبْرِيلُ- عَلَيْهِ السّلَامُ- وَأَخْبَرَهَا أَنّهَا مَقَرّ ابْنِهَا وَوَلَدِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ «٦» ، وَأَنّهَا مَوْضِعُ بيت الله الحرام، ثم ماتت.


(١) فى رواية للبخارى: «وضعها عند البيت عند دوحة فوق الزمزم فى أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء» .
(٢) كان راجعا إلى الشام.
(٣) فى رواية ابن جريج: «فأدركته بكداء بفتح الكاف، أوكدى بضم الكاف والقصر.
(٤) فى رواية: أنها نادته ثلاثا، وأنه أجابها فى الثالثة، وأنها قالت له: حسبى، أو: رضيت بالله،
(٥) يشهق ويعلو صوته وينخفض كالذى ينازع. وفى روايات: وجعلت تنظر إليه يتلوى. أو يتلبّط، أو يتلبّظ.
(٦) فى رواية للبخارى: «فقال لها الملك: لا تخافوا الضّيعة، فإن هذا بيت الله يا بنى هذا الغلام، وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله» .

<<  <  ج: ص:  >  >>