للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْعُقُوبَةَ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَحُوفُ بِالْبُنْيَانِ حَوْلَ الشّجَرَةِ، حَتّى تَكُونَ فِي مَنْزِلِهِ. قَالَ: فَأَوّلُ مَنْ تَرَخّصَ فِي قَطْعِ شَجَرِ الْحَرَمِ للبنيان عبد الله ابن الزّبَيْرِ حِينَ ابْتَنَى دُورًا بِقُعَيْقِعَانَ، لَكِنّهُ جَعَلَ دِيَةَ كُلّ شَجَرَةٍ: بَقَرَةً، وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ عمر- رضى الله- أَنّهُ قَطَعَ دَوْحَةً كَانَتْ فِي دَارِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى، كَانَتْ تَنَالُ أَطْرَافُهَا ثِيَابَ الطّائِفِينَ بِالْكَعْبَةِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُوَسّعَ الْمَسْجِدُ، فَقَطَعَهَا عُمَرُ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَوَدَاهَا بَقَرَةً، ومذهب مالك- رحمه الله- فى ذلك: ألّادية فِي شَجَرِ الْحَرَمِ. قَالَ: وَلَمْ يَبْلُغْنِي فِي ذَلِكَ شَيْءٌ.

وَقَدْ أَسَاءَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَأَمّا الشّافِعِيّ- رَحِمَهُ اللهُ- فَجَعَلَ فِي الدّوْحَةِ بَقَرَةً، وَفِيمَا دُونَهَا شَاةً. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللهُ- إنْ كَانَتْ الشّجَرَةُ الّتِي فِي الْحَرَمِ مِمّا يَغْرِسُهَا النّاسُ، ويَسْتَنْبِتُونها، فَلَا فِدْيَةَ عَلَى مَنْ قَطَعَ شَيْئًا مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا، فَفِيهِ الْقِيمَةُ بَالِغًا مَا بَلَغَتْ.

وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَنّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَفْتَى فِيهَا بِعِتْقِ «١» رقبة.


(١) وفى الثقرى للمحب الطبرى: «عن عطاء أنه كان يقول فى المحرم: إذا قطع شجرة عظيمة من شجر الحرم فعليه بدنة، وفى الدوحة: بقرة. وعنه أنه سئل عمن قطع من شجر الحرم، فقال: يستغفر الله عز وجل ولا يعود، وعنه أنه كان يرخص فى القصب والشوك. والسّنى: نوع من النبات. وعنه لا بأس أن يجنى الكمأة من الحرم ولا بأس بالسعشرق (نبات يتفرش على وجه الأرض عريض الورق وليس له شوك) والكمأة جمع مفرده: كمء، والكمء: نبات ينفض الأرض، فيخرج كما يخرج الفطر، يأكله الناس والحيوان، على أنه ورد فى حديث أخرجه البخارى ومسلم أن الحرم لا يعضد شوكه، أى: لا يقطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>