. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الدّيَاتِ، فَخَرَجَ فِي شِعَابِ مَكّةَ حَائِرًا بَائِرًا، يَتَمَنّى الْمَوْتَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ، فَرَأَى شَقّا فِي جَبَلٍ، فَظَنّ فِيهِ حَيّةً، فَتَعَرّضَ لِلشّقّ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَا يَقْتُلُهُ فَيَسْتَرِيحَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَدَخَلَ فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ ثُعْبَانٌ عَظِيمٌ لَهُ عَيْنَانِ تَقِدَانِ كَالسّرَاجِينِ.
فَحَمَلَ عَلَيْهِ الثّعْبَانُ، فَأَفْرَجَ لَهُ، فَانْسَابَ عَنْهُ مُسْتَدِيرًا بِدَارَةِ عِنْدَهَا بَيْتٌ، فَخَطَا خُطْوَةٌ أُخْرَى، فَصَفَرَ بِهِ الثّعْبَانُ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ كَالسّهْمِ، فَأَفْرَجَ عَنْهُ، فَانْسَابَ عَنْهُ قُدُمًا لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنّهُ مَصْنُوعٌ، فَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ، فَإِذَا هو مصنوع من ذهب، وعيناه يا قوتتان، فَكَسَرَهُ، وَأَخَذَ عَيْنَيْهِ، وَدَخَلَ الْبَيْتَ، فَإِذَا جُثَثٌ عَلَى سُرُرٍ طِوَالٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهُمْ طُولًا وعظما، وعند رؤسهم لوح من فضّة فيه تاريخهم، وإذا هُمْ رِجَالٌ مِنْ مُلُوكِ جُرْهُمٍ، وَآخِرُهُمْ مَوْتًا: الحرث بْنُ مُضَاضٍ صَاحِبُ الْغُرْبَةِ الطّوِيلَةِ، وَإِذَا عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ لَا يُمَسّ مِنْهَا شَيْءٌ إلّا انْتَثَرَ كَالْهَبَاءِ مِنْ طُولِ الزّمَنِ، وَشِعْرٌ مَكْتُوبٌ فِي اللّوْحِ فِيهِ عِظَاتٌ، آخِرُ بَيْتٍ مِنْهُ:
صَاحِ هَلْ رَيْتَ أَوْ سَمِعْت بِرَاعٍ ... رَدّ فِي الضّرْعِ مَا قَرَى فِي الْحِلَابِ
وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: كَانَ اللّوْحُ مِنْ رُخَامٍ، وَكَانَ فِيهِ: أنا نفيلة بن عبد المدان ابن خَشْرَمِ بْنِ عَبْدِ يَالَيْل بْنِ جُرْهُمِ بْنِ قَحْطَانَ بْنِ هُودٍ نَبِيّ اللهِ، عِشْت خَمْسَمِائَةِ عَامٍ، وَقَطَعْت غَوْرَ الْأَرْضِ بَاطِنَهَا وَظَاهِرَهَا فِي طَلَبِ الثّرْوَةِ وَالْمَجْدِ وَالْمُلْكِ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ يُنْجِينِي مِنْ الْمَوْتِ، وَتَحْتَهُ مَكْتُوب:
قَدْ قَطَعْت الْبِلَادَ فِي طَلَبِ الثّرْ ... وَةِ وَالْمَجْدُ قَالِصُ الْأَثْوَابِ
وَسَرَيْت الْبِلَادَ قَفْرًا لِقَفْرِ ... بِقَنَاتِي وَقُوّتِي واكتسابى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute