عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَأَخَذَهُ عَبْدُ الْمُطّلِبِ بِيَدِهِ وَأَخَذَ الشّفْرَةَ، ثُمّ أَقْبَلَ بِهِ إلَى إسَافٍ وَنَائِلَةٍ لِيَذْبَحَهُ، فَقَامَتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ مِنْ أَنْدِيَتِهَا، فَقَالُوا: مَاذَا تُرِيدُ يَا عَبْدَ الْمُطّلِبِ؟
قَالَ: أَذْبَحُهُ، فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ: وَاَللهِ لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا، حَتّى تُعْذِرَ فِيهِ. لَئِنْ فَعَلْتَ هَذَا لَا يَزَالُ الرّجُلُ يَأْتِي بِابْنِهِ حَتّى يَذْبَحَهُ، فَمَا بَقَاءُ النّاسِ عَلَى هَذَا؟! وَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ بن يقظة- وكان عبد الله ابن أخت القوم: وَاَللهِ لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا، حَتّى تُعْذِرَ فِيهِ، فإن كان فداؤه بأموالنا فديناه. وقالت له قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ. لَا تَفْعَلْ، وَانْطَلِقْ بِهِ إلَى الْحِجَازِ، فَإِنّ بِهِ عَرّافَةً لَهَا تَابِعٌ، فَسَلْهَا، ثُمّ أَنْتَ عَلَى رَأْسِ أَمْرِك، إنْ أَمَرَتْكَ بذبحه ذبحته، وإن أَمَرَتْك بِأَمْرٍ لَك وَلَهُ فِيهِ فَرَجٌ قَبِلْته.
فَانْطَلَقُوا حَتّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَوَجَدُوهَا- فِيمَا يَزْعُمُونَ- بخيبر. فركبوا حتى جاؤها، فَسَأَلُوهَا، وَقَصّ عَلَيْهَا عَبْدُ الْمُطّلِبِ خَبَرَهُ وَخَبَرَ ابْنِهِ، وَمَا أَرَادَ بِهِ وَنَذْرَهُ فِيهِ، فَقَالَتْ لَهُمْ: ارْجِعُوا عَنّي الْيَوْمَ حَتّى يَأْتِيَنِي تَابِعِي فَأَسْأَلُهُ. فَرَجَعُوا مِنْ عِنْدِهَا، فَلَمّا خَرَجُوا عَنْهَا قَامَ عَبْدُ الْمُطّلِبِ يَدْعُو اللهَ، ثُمّ غَدَوْا عَلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ: قَدْ جَاءَنِي الْخَبَرُ، كَمْ الدّيَةُ فِيكُمْ؟ قَالُوا: عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَكَانَتْ كذلك. قالت: فارجعو إلَى بِلَادِكُمْ، ثُمّ قَرّبُوا صَاحِبَكُمْ، وَقَرّبُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ، ثُمّ اضْرِبُوا عَلَيْهَا، وَعَلَيْهِ بِالْقِدَاحِ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى صَاحِبِكُمْ، فَزِيدُوا مِنْ الْإِبِلِ حَتّى يَرْضَى رَبّكُمْ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الْإِبِلِ فَانْحَرُوهَا عَنْهُ، فَقَدْ رَضِيَ رَبّكُمْ، وَنَجَا صَاحِبُكُمْ.
فخرجوا حتى قدموا مكة، فلما أجمعو عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ، قَامَ
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute