للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

غَيْرُهُ أَنّهَا كَانَتْ تِسْعَ أَذْرُعٍ مِنْ عَهْدِ إسْمَاعِيلَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا سَقْفٌ، فَلَمّا بَنَتْهَا قُرَيْشٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ زَادُوا فِيهَا تِسْعَ أَذْرُعٍ، فكانت ثمان عَشْرَةَ ذِرَاعًا، وَرَفَعُوا بَابَهَا عَنْ الْأَرْضِ، فَكَانَ لَا يُصْعَدُ إلَيْهَا إلّا فِي دَرَجٍ أَوْ سُلّمٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَوّلَ مَنْ عَمِلَ لَهَا غَلَقًا، وَهُوَ تَبَعٌ. ثُمّ لَمّا بَنَاهَا ابْنُ الزّبَيْرِ زَادَ فِيهَا تِسْعَ أَذْرُعٍ، فَكَانَتْ سَبْعًا وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا، وَعَلَى ذَلِكَ هِيَ الْآنَ، وَكَانَ بِنَاؤُهَا فِي الدّهْرِ خَمْسَ مَرّاتٍ. الْأُولَى: حِينَ بَنَاهَا شِيثُ بْنُ آدَمَ «١» ، وَالثّانِيَةُ: حِينَ بَنَاهَا إبْرَاهِيمُ عَلَى الْقَوَاعِدِ الْأُولَى، وَالثّالِثَةُ: حِينَ بَنَتْهَا قُرَيْشٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِخَمْسَةِ أَعْوَامٍ، وَالرّابِعَةُ: حِينَ احْتَرَقَتْ فِي عَهْدِ ابْنِ الزّبَيْرِ بِشَرَارَةِ طَارَتْ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ، فَوَقَعَتْ فِي أَسْتَارِهَا، فَاحْتَرَقَتْ، وَقِيلَ إنّ امْرَأَةً أَرَادَتْ أَنْ تُجَمّرَهَا، فَطَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ الْمِجْمَرِ «٢» فِي أَسْتَارِهَا، فَاحْتَرَقَتْ، فَشَاوَرَ ابْنُ الزّبَيْرِ فِي هَدْمِهَا مَنْ حَضَرَهُ، فَهَابُوا هَدْمَهَا، وَقَالُوا: نَرَى أَنْ تُصْلَحَ مَا وَهَى، وَلَا تُهْدَمَ. فَقَالَ:

لَوْ أَنّ بَيْتَ أَحَدِكُمْ احْتَرَقَ لَمْ يَرْضَ لَهُ إلّا بِأَكْمَلِ صَلَاحٍ. وَلَا يَكْمُلُ إصْلَاحُهَا إلّا بِهَدْمِهَا. فَهَدَمَهَا حَتّى أَفْضَى إلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا فِي الْحَفْرِ. فَحَرّكُوا حَجَرًا فَرَأَوْا تَحْتَهُ نَارًا وهولا «٣» . أفزعهم فأمرهم أن يقرّوا


(١) أول من بناها إبراهيم.
(٢) ما يوضع فيه الجمر بالدخنة، والعود نفسه. ويقال أيضا بضم الميم الأولى وفتح الثانية.
(٣) لم يرد فى الحديث الذى أخرجه مسلم ذكر لهذه النار بل ورد: «فنقضوه أى بناء الكعبة- حتى بلغوا به الأرض، فجعل ابن الزبير أعمدة يستر عليها الستور حتى ارتفع بناؤه» . وفيه أنه زاد فيه خمسة أذرع، وأن طول الكعبة كان ثمانية عشر ذراعا، فلما زاد فيه استقصره، فزاد فى طوله عشرة أذرع وجعل له بابين أحدهما: يدخل منه، والاخر يخرج منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>