مِنْ اللّبَنِ، وَأَلْيَنَ مِنْ الزّبَدِ، فَاسْتَمَدّ مِنْهُ الْقَلَمَ الّذِي كَتَبَ الْعَهْدَ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو قُبَيْسٍ يُسَمّى: الْأَمِينَ؛ لِأَنّ الرّكْنَ كَانَ مُودَعًا فيه، وأنه نادى إبراهيم حين
- (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ) ولم يقل من آدم (من ظهورهم) ولم يقل من ظهره (ذرياتهم) أى جعل نسلهم جيلا بعد جيل، وقرنا بعد قرن، كقوله تعالى (وهو الذى جعلكم خلائف الأرض) وقال: (ويجعلكم خلفاء الأرض) وقال: (كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين) ثم قال: (وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم، قالوا: بلى) أى: أوجدهم شاهدين بذلك، قائلين له حالا. وقال- أى الحسن البصرى- والشهادة تكون تارة بالقول، وتارة تكون حالا.. كما أن السؤال تارة يكون بالمقال، وتارة يكون بالحال. قالوا- يعنى جماعة من السلف والخلف- ومما يدل على أن المراد بهذا هذا أن جعل هذا الإشهاد حجة عليهم فى الإشراك، فلو كان قد وقع هذا- يعنى استخراج الذرية من ظهر آدم واستنطاق الله لها- كما قال من قال لكان كل أحد يذكره ليكون حجة له) ثم فسروا هذا الإشهاد بأنه الفطرة التى فطر الله الناس عليها من الإقرار بالتوحيد. انظر ابن كثير فى تفسير الاية. هذا وقد حكم الطبرى بعدم صحة نسبة ماروى من أحاديث فى هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالحديث موقوف على ابن عمر. ولهذا قال: الظاهر يدل على أنه خبر من الله عن قيل بنى آدم بعضهم لبعض، لأنه جل ثناؤه قال: «وأشهدهم على أنفسهم. ألست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا» فكأنه قيل: فقال الذين شهدوا على المقرين حين أقروا. فقالوا: بلى شهدنا عليكم بما أقررتم به على أنفسكم. وفى مكان آخر: «وأشهدهم على أنفسهم» أى: أشهد بعضهم على بعض بإقرارهم بذلك. ويقول المرتضى فى أماليه. «وقد ظن بعض من لا بصيرة له، ولا فطنة عنده أن تأويل هذه الاية أن الله استخرج من ظهر آدم جميع ذريته، وهم فى خلق الذر، فقررهم بمعرفته، وأشهدهم على أنفسهم وهذا التأويل مع أن العقل يبطله ويحيله مما يشهد ظاهر القرآن بخلافه، لأن الله تعالى قال: وإذ أخذ ربك من بنى آدم، ولم يقل. من آدم، وقال: من ظهورهم، ولم يقل: من ظهره، وقال: ذرياتهم، ولم يقل. ذريته، ثم أخبر تعالى بأنه-