. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جَلّتْ مُصِيبَتُك الْغَدَاةَ سَوَادُ ... وَأَرَى الْمُصِيبَةَ بَعْدَهَا تَزْدَادُ
أَبْقَى لَنَا فَقْدُ النّبِيّ مُحَمّدٍ ... - صَلّى الْإِلَهُ عَلَيْهِ- مَا يُعْتَادُ
حُزْنًا لَعَمْرُك فِي الْفُؤَادِ مُخَامِرًا ... أَوْ هَلْ لِمَنْ فَقَدَ النّبِيّ فُؤَادُ؟
كُنّا نَحُلّ بِهِ جَنَابًا مُمْرِعًا ... جَفّ الْجَنَابُ، فَأَجْدَبَ الرّوّادُ
فَبَكَتْ عَلَيْهِ أَرْضُنَا وَسَمَاؤُنَا ... وَتَصَدّعَتْ وَجْدًا بِهِ الْأَكْبَادُ
قَلّ الْمَتَاعُ بِهِ، وَكَانَ عِيَانُهُ ... حُلْمًا تَضَمّنَ سَكَرَتَيْهِ رُقَادُ
كَانَ الْعِيَانُ هُوَ الطّرِيفَ وَحُزْنُهُ ... بَاقٍ لَعَمْرُك فِي النّفُوسِ تِلَادُ
إنّ النّبِيّ وَفَاتُهُ كَحَيَاتِهِ ... الْحَقّ حَقّ وَالْجِهَادُ جِهَادُ
لَوْ قِيلَ: تَفْدُونَ النّبِيّ مُحَمّدًا ... بُذِلَتْ لَهُ الْأَمْوَالُ وَالْأَوْلَادُ
وَتَسَارَعَتْ فِيهِ النّفُوسُ بِبَذْلِهَا ... هَذَا لَهُ الْأَغْيَابُ وَالْأَشْهَادُ
هَذَا، وَهَذَا لَا يَرُدّ نَبِيّنَا ... لَوْ كَانَ يَفْدِيهِ فَدَاهُ سَوَادُ
أَنّى أُحَاذِرُ وَالْحَوَادِثُ جَمّةٌ ... أَمْرًا لِعَاصِفِ رِيحِهِ إرْعَادُ
إنْ حَلّ مِنْهُ مَا يُخَافُ فَأَنْتُمْ ... لِلْأَرْضِ- إنْ رَجَفَتْ بِنَا- أَوْتَادُ
لَوْ زَادَ قَوْمٌ فَوْقَ مُنْيَةِ صَاحِبٍ ... زِدْتُمْ، وَلَيْسَ لِمُنْيَةِ مُزْدَادُ
كَاهِنَةُ قُرَيْشٍ فَأَعْجَبَ الْقَوْمَ شِعْرُهُ، وَقَوْلُهُ: فَأَجَابُوا إلَى مَا أَحَبّ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ خَبَرُ سَوْدَاءَ بِنْتِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ، وَذَلِكَ أَنّهَا حِينَ وُلِدَتْ وَرَآهَا أَبُوهَا زَرْقَاءَ شَيْمَاءَ «١» أَمَرَ بِوَأْدِهَا، وَكَانُوا يَئِدُونَ مِنْ الْبَنَاتِ مَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الصّفَةِ فَأَرْسَلَهَا إلَى الْحَجُونِ لِتُدْفَنَ هُنَاكَ، فَلَمّا حَفَرَ لَهَا الحافر، وأراد دفنها سمع هاتفا يقول:
(١) صافية البياض فيها شامة، تعطيها جمالا.