للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَأَرْسَلَ إلَى الْحَوَارِيّينَ، وَوَجّهَهُمْ إلَى الْبِلَادِ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يَنْزِلَ مَرّةً جَازَ أَنْ يَنْزِلَ مِرَارًا، وَلَكِنْ لَا يُعْلَمُ أَنّهُ هُوَ حَتّى يَنْزِلَ النّزُولَ الظّاهِرَ فَيَكْسِرُ الصّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ كَمَا جَاءَ فِي الصّحِيحِ وَاَللهُ أَعْلَمُ، وَيُرْوَى أَنّهُ إذَا نَزَلَ تَزَوّجَ امْرَأَةً مِنْ جُذَامٍ «١» ، وَيُدْفَنُ إذَا مَاتَ فِي الرّوْضَةِ الّتِي فِيهَا النبى عليه السلام.


- أين جاء الطبرى وغيره بما زعموه عن نزول عيسى؟ وقد يقال هنا- كما قالوا- لئن صح الخبر. فإنه يدل على أن عيسى قد هرب من الذى جاؤا يطلبونه ليصلبوه، وأن هؤلاء الطالبين أخذوا غيره، وأن الذين رأوا عيسى بعد هذا ظنوا أنه بعث بعد صلبه؛ إذ كانوا يظنون أنه قد أخذ، وصلب.
(١) لا يستفيد من ترديد مثل هذا سوى الذين يحبون القضاء على الإسلام. وقد روى حديث نزول عيسى الشيخان والترمذى وأحمد، أما تزوجه فقد ذكره ابن الجوزى فى كتاب الوفا. وقد قيل: إن هذا الحديث معارض فى دلالته بما تدل عليه أحاديث أخرى، كالحديث الذى ورد فى الصحيحين دالا على أن الحبش سينقضون الكعبة، والحديث الذى ورد فى البخارى مؤكدا أنّ بين يدى الساعة أى: قرب مجيئها- أياما ينزل فيها الجهل، ويرفع العلم، ويكثر فيها الهرج- أى القتل- وكالحديث الذى شكافيه بعض الناس لأنس من ظلم الحجاج فقال لهم: اصبروا فإنه لا يأتى عليكم زمان إلا والذى بعده شرّ منه حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم. على حين يذكر فى حديث عيسى أنه سيكسر الصليب، وبقتل الخنزير، ويضع الجزية، وأن المال سيفيض حتى لا يقبله أحد، كما يؤكد زوال الشحناء والتباغض والتحاسد، فأين هذا من ذاك؟ وهل يعتبر هذا شرا من أيامنا هذه، كما يقول الحديث السابق؟ وقيل: إنه معارض أيضا بقوله سبحانه الذى يقص به قول عيسى يوم القيامة: «ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به أن اعبدوا الله ربى وربكم، وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم، فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم، وأنت على كل شىء شهيد، فأين الحديث هنا عن كسر الصليب وقتل الخنزير؟ لماذا لم يقل: فلما أنزلتنى فعلت وفعلت، وعلمت أنهم غيروا؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>