للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رَآهُ، لَا بِشِرْعِ مُتَقَدّمٍ، وَإِنّمَا تَقَدّمَ شَرْعُ إبْرَاهِيمَ بِتَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ، لَا بِتَحْرِيمِ مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللهِ، وَإِنّمَا نَزَلَ تَحْرِيمُ ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ، وَبَعْضُ الْأُصُولِيّينَ يَقُولُونَ: الْأَشْيَاءُ قَبْلَ وُرُودِ الشّرْعِ عَلَى الْإِبَاحَةِ، فَإِنْ قُلْنَا بِهَذَا، وَقُلْنَا أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُلُ مِمّا ذُبِحَ عَلَى النّصُبِ، فَإِنّمَا فَعَلَ أَمْرًا مُبَاحًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ قُلْنَا أَيْضًا: إنّهَا لَيْسَتْ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَلَا عَلَى التّحْرِيمِ، وَهُوَ الصّحِيحُ، فَالذّبَائِحُ خَاصّةٌ لَهَا أَصْلٌ فِي تَحْلِيلِ الشّرْعِ الْمُتَقَدّمِ كَالشّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِمّا أَحَلّهُ اللهُ تَعَالَى فِي دِينِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، وَلَمْ يَقْدَحْ فِي ذَلِكَ التّحْلِيلِ الْمُتَقَدّمِ مَا ابْتَدَعُوهُ، حَتّى جَاءَ الْإِسْلَامُ، وَأَنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) الْأَنْعَامُ: ١٢١. أَلَا تَرَى كَيْفَ بَقِيَتْ ذَبَائِحُ أَهْلِ الْكِتَابِ عِنْدَنَا عَلَى أَصْلِ التّحْلِيلِ بِالشّرْعِ الْمُتَقَدّمِ، وَلَمْ يَقْدَحْ فِي التّحْلِيلِ مَا أحدثوه من


- وقال الخطابى. كان النبى «صلى الله عليه وسلم» لا يأكل مما يذبحون عليها للأصنام، ويأكل ما عدا ذلك، وإن كانوا لا يذكرون اسم الله عليه، لأن الشرع لم يكن نزل بعد، بل لم ينزل الشرع بمنع أكل ما لم يذكر اسم الله عليه إلا بعد المبعث بمدة طويلة. وقال صاحب الفتح: وهذا الجواب أولى مما ارتكبه ابن بطال، وعلى تقدير أن يكون زيد بن حارثه ذبح على الحجر المذكور، فإنما يحمل على أنه إنما ذبح عليه لغير الأصنام. وأما قوله تعالى: «وما ذبح على النصيب» ، فالمراد به ما ذبح عليها للأصنام، وفى الفتح أيضا: أن الجواب على قوله: فذبحنا شاة على بعض الأنصاب يعنى: الحجارة التى ليست بأصنام، ولا معبودة وإنما هى من آلات الجزار التى يذبح عليها؛ لأن النصب فى الأصل حجر كبير، فمنها ما يكون عندهم من جملة الأصنام، فيذبحون له، وعلى اسمه، ومنها مالا يعبد، بل يكون عندهم من آلات الذبح، فيذبح الذابح عليه لا للصنم، وكان امتناع زيد منها حسما للمادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>