فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاوِرُ ذَلِكَ الشّهْرَ مِنْ كُلّ سَنَةٍ، يُطْعِمُ مَنْ جَاءَهُ مِنْ الْمَسَاكِينِ، فَإِذَا قَضَى رَسُولُ الله صلى عَلَيْهِ وَسَلّمَ جِوَارَهُ، مِنْ شَهْرِهِ ذَلِكَ، كَانَ أَوّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ- إذَا انْصَرَفَ مِنْ جِوَارِهِ- الْكَعْبَةَ، قَبْل أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ، فَيَطُوفُ بِهَا سَبْعًا، أَوْ مَا شَاءَ اللهُ مِنْ ذَلِكَ، ثُمّ يَرْجِعُ إلَى بَيْتِهِ، حَتّى إذَا كَانَ الشّهْرُ الّذِي أَرَادَ اللهُ تَعَالَى بِهِ فِيهِ مَا أَرَادَ مِنْ كَرَامَتِهِ، مِنْ السّنَةِ التى بعثه اللهُ تَعَالَى فِيهَا، وَذَلِكَ، الشّهْرُ: شَهْرُ رَمَضَانَ، خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى حِرَاءٍ، كَمَا كَانَ يَخْرُجُ لِجِوَارِهِ وَمَعَهُ أَهْلُهُ، حَتّى إذَا كَانَتْ اللّيْلَةُ الّتِي أَكْرَمَهُ اللهُ فِيهَا بِرِسَالَتِهِ وَرَحِمَ الْعِبَادَ بِهَا، جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ، وَأَنَا نَائِمٌ، بِنَمَطِ مِنْ دِيبَاجٍ فِيهِ كِتَابٌ، فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: قُلْت: مَا أَقْرَأُ؟ قال فغتني به، حتى ظننت أنه الموت، ثُمّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: قُلْت: مَاذَا أقرأ؟ قال: فغتني به، حتى ظننت أنه الموت، ثم أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: فَقُلْت: مَاذَا أَقْرَأُ؟ مَا أَقُولُ ذَلِكَ إلّا افْتِدَاءً مِنْهُ أَنْ يَعُودَ لِي بِمِثْلِ مَا صَنَعَ بِي، فَقَالَ: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ.
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ» : قَالَ:
فَقَرَأْتهَا، ثُمّ انْتَهَى، فَانْصَرَفَ عَنّي، وَهَبَبْتُ مِنْ نَوْمِي، فَكَأَنّمَا كَتَبْت فِي قَلْبِي كِتَابًا. قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتّى إذَا كُنْتُ فِي وَسَطٍ مِنْ الْجَبَلِ سَمِعْت صَوْتًا مِنْ السّمَاءِ يَقُولُ يَا مُحَمّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ قَالَ: فَرَفَعْت رَأْسِي إلَى السّمَاءِ أَنْظُرُ، فَإِذَا جِبْرِيلُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ صَافّ قَدَمَيْهِ فِي أُفُقِ السماء يقول:
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute