. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خَدِيجَةُ، وَاَللهِ لَقَدْ آمَنَتْ بِي إذْ كَفَرَ قَوْمُك، وَرُزِقْت مِنّي الْوَلَدُ وَحُرِمْتُمُوهُ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنّ رَسُولَ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: خَيْرُ نِسَائِهَا: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا: خَدِيجَةُ، وَالْهَاءُ فِي نِسَائِهَا حِينَ ذَكَرَ مَرْيَمَ عَائِدَةً عَلَى السّمَاءِ، وَالْهَاءُ فِي نِسَائِهَا حِينَ ذَكَرَ خَدِيجَةَ عَائِدَةٌ عَلَى الْأَرْضِ، وَذَلِكَ أَنّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ فِي آخَرَيْنِ، وَأَشَارَ وَكِيعٌ مِنْ بَيْنَهُمْ حِينَ حَدّثَ بِالْحَدِيثِ بِإِصْبَعِهِ إلَى السّمَاءِ عِنْدَ ذِكْرِ مَرْيَمَ، وَإِلَى الْأَرْضِ عِنْدَ ذِكْرِ خَدِيجَةَ، وَهَذِهِ إشَارَةٌ لَيْسَتْ مِنْ رَأْيِهِ، وإنما هى زيادة فى حَدِيثِهِ عَنْ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ مَقْبُولَةٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى إشَارَتِهِ إلَى السّمَاءِ وَالْأَرْضِ عِنْدَ ذِكْرِهِمَا، أَيْ: هُمَا خَيْرُ نِسَاءٍ بَيْنَ السّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهَذَا أَثْبَتُ عِنْدِي بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ. وَلَعَلّنَا أَنْ نَذْكُرَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي التّفْضِيلِ بَيْنَ مَرْيَمَ وَخَدِيجَةَ وَعَائِشَةَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُنّ- وَأَزْوَاجِ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا نَزَعَ بِهِ كُلّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ.
حَوْلَ مَا بُشّرَتْ بِهِ خَدِيجَةُ:
وأما قوله: ببيت من قصب، فقدرواه الْخَطّابِيّ مُفَسّرًا، وَقَالَ فِيهِ:
قَالَتْ خَدِيجَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ فِي الْجَنّةِ قَصَبٌ؟ فَقَالَ: إنّهُ قَصَبٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ مُجَبّى. قَالَ الْخَطّابِيّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: مُجَوّبًا مِنْ قَوْلِك: جُبْت الثّوْبَ إذَا خَرَقْته، فَيَكُونُ مِنْ الْمَقْلُوبِ، ويجوز أن يكون الأصل محبّبا بِبَاءَيْنِ مِنْ الْجُبّ وَهُوَ الْقَطْعُ أَيْ: قُطِعَ دَاخِلُهُ «١» ، وَقُلِبَتْ الْبَاءُ يَاءً، كَمَا قَالُوا: تَظَنّيْتُ من
(١) هو فى السيرة: مجوف. وفى النهاية لابن الأثير: وقيل: هو من الجوب وهو نقير يجمع فيه الماء.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute