للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَيَغْمُرُهُ فَضْلُهُ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ سَلَامٌ، لَا حَيْفَ وَلَا ظُلْمَ، وَلَا تَفَاوُتَ وَلَا اخْتِلَالَ، وَمَنْ زَعَمَ مِنْ الْمُفَسّرِينَ لِهَذَا الِاسْمِ أَنّهُ تَسَمّى بِهِ لِسَلَامَتِهِ مِنْ الْآفَاتِ وَالْعُيُوبِ، فَقَدْ أَتَى بِشَنِيعِ مِنْ الْقَوْلِ، إنّمَا السّلَامُ مَنْ سُلِمَ مِنْهُ، وَالسّالِمُ مَنْ سَلِمَ مِنْ غَيْرِهِ، وَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً) وإلى قوله: (سَلامٌ هِيَ) وَلَا يُقَالُ فِي الْحَائِطِ: سَالِمٌ مِنْ الْعَمَى، وَلَا فِي الْحَجَرِ أَنّهُ سَالِمٌ مِنْ الزّكَامِ، أَوْ مِنْ السّعَالِ إنّمَا يُقَالُ: سَالِمٌ فِيمَنْ تَجُوزُ عَلَيْهِ الْآفَةُ، وَيَتَوَقّعُهَا ثُمّ يَسْلَمُ مِنْهَا، وَالْقُدّوسُ سُبْحَانَهُ مُتَعَالٍ عَنْ تَوَقّعِ الْآفَاتِ مُتَنَزّهٍ عَنْ جَوَازِ النّقَائِصِ، وَمِنْ هَذِهِ صِفّتُهُ لَا يُقَالُ: سَلِمَ، وَلَا يَتَسَمّى بِسَالِمِ، وَهُمْ قَدْ جَعَلُوا سَلَامًا بِمَعْنَى سَالِمٍ، وَاَلّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوّلَ، هُوَ مَعْنَى قَوْلِ أَكْثَرِ السّلَفِ وَالسّلَامَةُ: خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ خِصَالِ السّلَامِ «١» :

فَتْرَةَ الْوَحْيِ:

فَصْلٌ: وَذَكَرَ فَتْرَةَ الْوَحْيِ عَنْ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَذْكُرْ مِقْدَارَ مُدّةِ الْفَتْرَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْمُسْنَدَةِ أَنّهَا كَانَتْ سَنَتَيْنِ وَنِصْفِ سَنَةٍ، فَمِنْ هُنَا يَتّفِقُ مَا قَالَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنّ مُكْثَهُ بِمَكّةَ كَانَ عَشَرَ سِنِينَ، وَقَوْلُ ابْنِ عباس: ثلاث عشرة سنة، وكان قد ابتدىء بِالرّؤْيَا الصّادِقَةِ سِتّةَ أَشْهُرٍ، فَمَنْ عَدّ مُدّةَ الْفَتْرَةِ، وَأَضَافَ إلَيْهَا الْأَشْهُرَ السّتّةَ، كَانَتْ كَمَا قال


(١) فى النهاية لابن الأثير عن السلام: «سلامته مما يلحق الخلق من العيب والفناء والسلام فى الأصل: السلامة» : وعند الراغب فى مفرداته: «وصف بذلك من حيث لا يلحقه العيوب والافات التى تلحق الخلق» وانظر ص ١٣٥ ج ٢ بدائع الفوائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>