للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لَوْ وَضَعُوا الشّمْسَ فِي يَمِينِي:

فَصْلٌ: وَذَكَرَ قَوْلَ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاَللهِ لَوْ وَضَعُوا الشّمْسَ فِي يَمِينِي، وَالْقَمَرَ فِي شِمَالِي عَلَى أَنْ أَدَعَ هَذَا الّذِي جِئْت بِهِ مَا تَرَكْته، أَوْ كَمَا قَالَ «١» . خَصّ الشّمْسَ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنّهَا الْآيَةُ الْمُبْصِرَةُ، وَخَصّ الْقَمَرَ بِالشّمَالِ لِأَنّهَا الْآيَةُ الْمَمْحُوّةُ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ- رَحِمَهُ اللهُ- لِرَجُلِ، قَالَ لَهُ: إنّي رَأَيْت فِي الْمَنَامِ كَأَنّ الشّمْسَ وَالْقَمَرَ يَقْتَتِلَانِ، وَمَعَ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نُجُومٌ، فَقَالَ عُمَرُ: مَعَ أَيّهِمَا كُنْت؟ فَقَالَ: مَعَ الْقَمَرِ، قَالَ: كُنْت مَعَ الْآيَةِ الْمَمْحُوّةِ، اذْهَبْ، فَلَا تَعْمَلْ لِي عَمَلًا، وَكَانَ عَامِلًا لَهُ، فَعَزَلَهُ، فَقُتِلَ الرّجُلُ فِي صِفّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَاسْمُهُ:

حَابِسُ بْنُ سَعْدٍ، وَخَصّ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النّيّرَيْنِ حِينَ ضَرَبَ الْمَثَلَ بِهِمَا؛ لِأَنّ نُورَهُمَا مَحْسُوسٌ، وَالنّورُ الّذِي جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ- وَهُوَ الّذِي أَرَادُوهُ عَلَى تَرْكِهِ- هُوَ لَا مَحَالَةَ أَشْرَفُ مِنْ النّورِ الْمَخْلُوقِ، قال الله سبحانه: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ التّوْبَةِ: ٣٣. فَاقْتَضَتْ بَلَاغَةُ النّبُوّةِ- لِمَا أَرَادُوهُ عَلَى تَرْكِ النّورِ الْأَعْلَى- أَنْ يُقَابِلَهُ بِالنّورِ الْأَدْنَى، وَأَنْ يَخُصّ أَعْلَى النّيّرَيْنِ، وَهِيَ الْآيَةُ الْمُبْصِرَةُ بِأَشْرَفِ الْيَدَيْنِ، وَهِيَ الْيُمْنَى بَلَاغَةٌ لَا مِثْلُهَا، وَحِكْمَةٌ لَا يَجْهَلُ اللّبِيبُ فَضْلَهَا.

الْبَدَاءُ:

وَقَوْلُ ابْنِ إسْحَاقَ: ظَنّ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ قَدْ بَدَا لِعَمّهِ بَدَاءٌ، أَيْ: ظَهَرَ لَهُ رَأْيٌ، فَسَمّى الرّأْيَ بَدَاءً، لِأَنّهُ شَيْءٌ يَبْدُو بَعْدَ مَا خفى، والمصدر


(١) لم يروه أحد من أصحاب الصحاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>