للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَمَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه-، وَعَلِيٌّ نَاقِهٌ مِنْ مَرَضٍ، وَلَنَا دَوَالِي (١) مُعَلَّقَةٌ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَأْكُلُ مِنْهَا. فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ لِيَأْكُلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «مَهْ. يَا عَلِيُّ! إِنَّكَ نَاقِهٌ»، قَالَتْ: فَصَنَعْتُ لِلنَّبِيِّ سِلْقاً وَشَعِيراً (٢)، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لعليٍّ: «مِنْ هَذَا فَأَصِبْ. فَإِنَّهُ أَنْفَعُ لَكَ» (٣).

«واعلم أن في منع النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي من الأكل من الدوالي وهو ناقه أحسن التدبير ... ففي الرطب خاصة نوع ثقل على المعدة، فتشتغل بمعالجته وإصلاحه عما هي بصدده من إزالة بقية المرض وآثاره، ولما وضع بين يديه السلق والشعير أمره أن يصيب منه، فإنه من أنفع الأغذية للناقه، فإن في ماء الشعير من التبريد والتغذية والتلطيف والتليين وتقوية الطبيعة ما هو أصلح للناقه، ولا سيما إذا طبخ بأصول السلق، فهذا من أوفق الغذاء لمن في معدته ضعف، ولا يتولد عنه من الأخلاط ما يُخاف منه.

قال زيد بن أسلم: حمى عمر مريضًا له حتى إنه من شدة ما حماه كان يمص النوى. وبالجملة فالحمية من أنفع الأدوية قبل


(١) الدوالي: أقناء من الرطب تعلق في البيت للأكل بمنزلة عناقيد العنب، والفاكهة تضر بالناقه من المرض لسرعة استحالتها وضعف الطبيعة عن دفعها، فإنها لم تتمكن بعد من قوتها، وهي مشغولة بدفع آثار العلة وإزالتها من البدن. زاد المعاد (٤/ ١٤٨).
(٢) قال في المعجم الوسيط: سلق، سلقا عدا وَصَاح وَرفع صَوتَهُ، واللَّحم الْخَضر بِالماءِ الْحَارِّ وَفِيه أغلاه دون أَن يضيف إِلَيْهِ شَيْء من دهن وأفاويه، ص ٤٤٤.
(٣) برقم ٣٤٤٢، وحسنه ابن مفلح في الآداب الشرعية (٢/ ٣٤٣)، والألباني -رحمه الله- في السلسلة الصحيحة برقم ٥٨.

<<  <   >  >>