للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتناول غيره ضعف أو هلك، وإن تناول غيره لم تقبله الطبيعة واستضر به، فقصرها على نوع واحد دائمًا، ولو أنه أفضل الأغذية خطرٌ مضر.

بل كان يأكل ما جرت عادة أهل بلده بأكله من اللحم والفاكهة والخبز والتمر وغيره ...

وإذا كان في أحد الطعامين كيفية تحتاج إلى كسر وتعديل كسرها وعدلها بضدها إن أمكن، كتعديله حرارة الرطب بالبطيخ، وإن لم يجد ذلك تناوله على حاجة وداعية من النفس من غير إسراف، فلا تتضرر به الطبيعة.

وكان إذا عافت نفسه الطعام لم يأكله، ولم يحملها إياه على كره، وهذا أصل عظيم في حفظ الصحة، فمتى أكل الإنسان ما تعافه نفسه ولا تشتهيه كان تضرره به أكثر من انتفاعه.

قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: «مَا عَابَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَإِلَّا تَرَكَهُ» (١).

ولما قُدم إليه الضب المشوي لم يأكل منه، فقيل له: هو حرام؟ قال: لا، ولكن لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه. فراعى عادته وشهوته، فلما لم يكن يعتاد أكله بأرضه وكانت نفسه لا تشتهيه أمسك عنه، ولم يمنع من أكله من يشتهيه، ومن


(١) أخرجه البخاري برقم ٣٥٦٣، ومسلم برقم ٢٠٦٤.

<<  <   >  >>