للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جنس لنوعين: النص والظاهر، ثم إن المجمل والمؤول مشتركان في أن كلا منهما يفيد معناه إفادة غير راجحة, إلا أن المؤول مرجوح أيضا والمجمل ليس مرجوحا بل مساويا, فالقدر المشترك بينهما من عدم الرجحان يسمى بالمتشابه, فهو جنس لنوعين: المجمل والمؤول, وهذا الاصطلاح مأخوذ من قوله تعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: ٧] .

قال: "تقسيم آخر: مدلول اللفظ إما معنى, أو لفظ مفرد, أو مركب مستعمل, أو مهمل نحو الفرس والكلمة وأسماء الحروف والخبر والهذيان, والمركب صيغ للإفهام, فإن أفاد بالذات طلبا فالطلب للماهية استفهام, والتخيل مع الاستعلاء أمر، ومع التساوي التماس، ومع التسفل سؤال، وإلا فمحتمل التصديق والتكذيب خبر وغيره تنبيه, ويندرج فيه والتمني والترجي والقسم والنداء" أقول: مدلول اللفظ قد يكون معنى وقد يكون لفظا, فإن كان لفظا فقد يكون مفردا وقد يكون مركبا, وكل منها قد يكون مستعملا وقد يكون مهملا، ومجموع ذلك خمسة أقسام وقد ذكرها المصنف بأمثلتها من باب اللف والنشر, الأول: يكون المدلول معنى أي: شيئا أي: بلفظ كالفرس وزيد, وهذا هو الذي تقدم انقسامه إلى جزئي وكلي. الثاني: أن يكون المدلول لفظا مفردا مستعملا كالكلمة, فإن مدلولها لفظ وضع لمعنى مفرد وهو الاسم والفعل والحرف. الثالث: أن يكون المدلول لفظا مفردا مهملا كأسماء حروف الهجاء, ألا ترى أن حروف: ضرب وهى ضه وره وبه, لم توضع لمعنى مع أن كلا منها قد وضع له اسم: للأول الضاد، وللثاني الراء، وللثالث الباء، وهكذا ذكره سيبويه، ونقله عن الخليل فافهمه واجتنب غيره من التقديرات والهاء اللاحقة لضه وره وبه وهي هاء السكت. الرابع: أن يكون المدلول لفظا مركبا مستعملا نحو الخبر، فإن مدلوله لفظ مركب موضوع كاقم زيد. الخامس: أن يكون المدلول لفظا مركبا مهملا, قال الإمام: والأشبه أنه غير موجود؛ لأن الغرض من التركيب هو الإفادة، وجزم به في المنتخب وتبعه على ذلك صاحب الحاصل والتحصيل وهو ضعيف، فإن ما قالوه دليل على أن المهمل غير موضوع لا على أنه لم يوضع له اسم لا جزم بأن المصنف خالفهم، وزاد على ذلك فمثل له بالهذيان فإن لفظ مدلوله لفظ مركب مهمل وهو مصدر هذى بالذال المعجمة. قال الجوهري: هذى في منطقه يهذي ويهذو هذوا وهذيانا. قوله: "والمركب صيغ للإفهام" لما فرغ من تقسيم المفرد شرع في تقسيم المركب, ولا شك أن المتكلم إنما صاغ المركب من المفردات وألفه منها لإفهام الغير ما في ضميره، فتارة يفيد طلبا وتارة يفيد غير ذلك، فإن أفاد طلبا بذاته نظر فإن كان الطلب للماهية أي: لذكرها كما قال في المحصول١ فهو الاستفهام، كقولك: ما حقيقة الإنسان؟ وهل قام زيد؟ وهذا التقرير


١ انظر المحصول، ص٧٧، جـ١.

<<  <   >  >>