به الإمام في المحصول والمنتخب، وجزم في المعالم بأن المجاز أولى لكثرته لكنه ذكر بعد ذلك في تعليل المسألة العاشرة أنهما سيان, مثاله: إذا قال السيد لعبده الأصغر منه سنا: هذا ابني, فيحتمل أن يكون قد عبر بالبنوة عن العتق فيحكم بعتقه, ويحتمل أن يكون فيه إضمار تقديره مثل هذا ابني أي: في الحنو أو في غيره فلا يعتق. والمسألة فيها خلاف في مذهبنا, والمختار أنه لا يعتق بمجرد هذا اللفظ. التاسع: التخصيص خير من المجاز؛ لأن الباقي بعد التخصيص يتعين لأن العام يدل على جميع الأفراد, فإذا خرج البعض بدليل بقيت دلالته على الباقي من غير تأمل. وأما المجاز فربما لا يتعين لأن اللفظ وضع ليدل على المعنى الحقيقي, فإذا انتفى بقرينة اقتضى صرف اللفظ إلى المجاز إلى نوع تأمل واستدلال لاحتمال تعدد المجازات, مثاله استدلال أبي حنيفة على أن الذابح إذا ترك التسمية عمدا لا تحل ذبيحته بقوله تعالى:{وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[الأنعام: ١٢١] أي: لا تأكلوا مما لا يتلفظ عليه اسم الله تعالى, فيلزمه التخصيص لأنه يسلم أن الناس تحل ذبيحته فيقول الشافعي: المراد بذكر الله تعالى هو الذبح مجازا عن الذبح غالبا تقارنه التسمية فيكون نهيا عن أكل غير المذبوح, أو يقول: هو مجاز عن ذبح عبدة الأوثان, وما أحل لغير الله لملازمته ترك التسمية. والعاشر: التخصيص خير من الإضمار؛ لأنه قد مر أن التخصيص خير من المجاز, وأن المجاز والإضمار متساويان والخير من المساوي خير, مثاله قوله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: ١٧٩] فقال بعضهم: الخطاب مع الورثة؛ لأنهم إذا اقتضوا فقد سلموا وحيوا بدفع شر هذا القاتل الذي صار عدوا لهم بالقتل، وقال بعضهم: الخطاب للقائلين؛ لأن الجاني إذا اقتص منه فقد انمحى إثمه فيبقى حيا حياة معنوية. فعلى هذين الوجهين لا إضمار ولا تخصيص، وقال بعضهم: الخطاب للناس كلهم وحينئذ يحتمل أن يكون فيه إضمار وتقديره: ولكم في مشروعية القصاص حياة؛ لأن الشخص إذا علم أنه يقتص منه فينكث عن القتل فتحصل الحياة، وعلى هذا فلا تخصيص. ويحتمل أن لا يقدر شيء ويكون القصاص نفسه فيه الحياة, إما الحقيقة ولكن لغير الجاني للمعنى الذي قلناه وهو الانكفاف, أو المعنوية ولكن للجاني بخصوصه لأنه قد سلم من الإثم. وعلى هذا فلا إضمار فيه لكن فيه تخصيص، واعلم أن الآمدي وابن الحاجب لم يتعرضا إلا للاشتراك مع المجاز فقط، وأهملا التسعة الباقية. قوله:"تنبيه ... إلخ" اعلم أن التخصيص الذي سبق ترجيحه على الاشتراك هو التخصيص في الأعيان. أما التخصيص في الأزمان وهو النسخ فإن الاشتراك خير منه, وحينئذ فيكون الباقي خيرا منه بطريق الأولى؛ وذلك لأن الاشتراك ليس فيه إبطال بل يقتضي التوقف إلى القرينة, والنسخ يكون مبطلا والاشتراك بين علمين خير من الاشترك بين علم ومعنى؛ لأن العلم يطلق على شخص مخصوص. قال: المراد إنما هو العلم الشخصي لا الجنسي, والمعنى يصدق على أشخاص كثيرة، فكان اختلال الفهم بجعله مشتركا بين علمين