للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في هذه الثلاثة لكنه لا يدل. أما المطابقة والتضمن فواضح لأن نفي الحكم عما عدا المذكور ليس هو عين إثبات الحكم في المذكور حتى يكون مطابقة لا جزأه حتى يكون تضمنا. وأما الالتزام فلأن شرطه سبق الذهن من المسمى إليه وقد يتصور السامع إيجاب الزكاة في السائمة مع غفلته عن المعلوفة وعن عموم وجوب زكاتها, وقد أهمل المصنف ذكر التضمن فقال: إما مطابقة أو التزاما ولقائل أن يجيب بأن الالتزام صادق عليه؛ لأن تصور الكل مستلزم لتصور جزئه كما أنه مستلزم لتصور لازمه، وأجاب المصنف بأنه يدل بالالتزام لما ثبت أن ترتيب الحكم على الوصف يشعر بالعلية، أي: بكونه علة, يستلزم انتفاء المعلول المساوي، والمراد بالمساوي أن لا يكون له علة أخرى غير هذه العلة، واحترز بذلك عما يكون له علة أخرى كالحرارة المعلولة للنار تارة وللشمس أخرى, إذ لو كان له علة أخرى لكان يثبت بالعلة الأولى، ويثبت بدونها فيكون أعم منها, والعلة أخص والأعم لا ينتفي بانتفاء الأخص, وحينئذ فلا يلزم انتفاء هذه العلة انتفاء المعلول لجواز ثبوته مع العلة الأخرى. الثاني: قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} [الإسراء: ٣١] فإنه لو كان كما قلنا لكان في الآية دليل على جواز القتل عند انتفاء خشية الإملاق وهو الفقر, وليس كذلك بل هو حرام, وجوابه أن هذا غير المدعى؛ لأن مدعانا أنه يدل حيث لا يظهر للتخصيص فائدة أخرى كما تقدم هنا له فائدتان, إحداهما: أنه الغالب من أحوالهم أو الدائم. والثاني: أنه يدل على المسكوت عنه بطريق الأولى.

قال: "الخامسة: التخصيص بالشرط مثل: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦] فينتفي المشروط بانتفائه قيل: تسمية إن حرف شرط اصطلاح قلنا: الأصل عدم النقل، قيل: يلزم ذلك لو لم يكن للشرط بدل قلنا: حينئذ يكون الشرط أحدهما وهو غير المدعى {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: ٣٣] ليس كذلك قلنا: لا نسلم بل انتفاء الحرمة لامتناع الإكراه. السادسة: التخصيص بالعدد لا يدل على الزائد, والناقص". أقول: تعليق الحكم على الشيء بكلمة إن أو غيرها من الشروط اللغوية كقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [الطلاق: ٦] فيه أمور أربعة: ثبوت المشروط عند ثبوت الشرط, ودلالة إن عليه, وعدم المشروط عند عدم الشرط, ودلالة إن عليه؛ فالثلاثة الأول لا خلاف فيها, وأما الرابع وهو دلالة إن على العدم فهو محل الخلاف. والصحيح عند المصنف أنها عليه وهو الصحيح عند الإمام وأتباعه، وهو مقتضى اختيار ابن الحاجب ونقله ابن التلمساني عن الشافعي, ودليله أن النحاة قد نصوا على أنها للشرط ويلزم من انتفاء الشرط انتفاء المشروط. وذهب القاضي أبو بكر وأكثر المعتزلة إلى أنها لا تدل عليه بل هو منفي بالأصل, واختاره الآمدي ونقله ابن التلمساني عن مالك وأبي حنيفة, واعترضوا على الدليل السابق بثلاثة أوجه أحدها: أن تسمية حرف شرط

<<  <   >  >>