الحقيقة، وجوابه أن المراد بالأمر هنا هو الشأن مجازا وهو أولى من الاشتراك، ووجه المجاز أن الشأن أعم من القول والفعل، فالتعبير عنه بالقول من باب إطلاق اسم الخاص وإرادة العام، وقال أبو الحسين البصري: إنه مشترك بين خمسة أشياء, أحدها: القول المخصوص لما قلنا. الثاني: الشيء كقولنا: تحرك هذا الجسم لأمر, أي لشيء. الثالث: وقد أبدله الإمام في بعض المواضع بالعرض ودليله قول الشاعر:
عزمت على إقامة ذي صباح ... لأمر ما يسود من يسود
أي: لصفة عظيمة من الصفات. الرابع: الشأن كقولنا: أمر فلان مستقيم أي: شأنه. الخامس: الفعل وقد تقدم تمثيله، فإذا تجرد عن القرائن كقول القائل: أمر فلان أو هذا أمر ترددنا بين هذه الخمسة، والتردد آية الاشتراك أي: علامته, وجوابه أنا لا نسلم حصول التردد بل يتبادر القول، وههنا تنبيهان:
أحدهما: أن ما نقله المصنف عن أبي الحسين من كون الأمر موضوعا للفعل بخصوصه حتى يكون مشتركا, غلط في المنتخب والتحصيل وبعض كتب القرافي, فقد نص أبو الحسين في المعتمد وشرح العمد على أنه ليس موضوعا له، وإنما يدخل في الشأن، فقال مجيبا عن احتجاج الخصم ما نصه: وجوابنا عن هذا أن اسم الأمر ليس يقع على الفعل من حيث هو فعل لا على سبيل الحقيقة ولا على سبيل المجاز، وإنما يقع على جملة الشأن حقيقة، هذا لفظه وممن نقله عنه الأصفهاني شارح المحصول ووقع في المحصول والحاصل على الصواب, فإنهما حذفا القول.
الثاني: أن أبا الحسين في شرح العمد قد جعل الطريق والشأن شيئا واحدا كما نقله عنه الأصفهاني المذكور؛ فلذلك لم يذكره المصنف اكتفاء بدخوله في الشأن، وقد غاير بينهما صاحب التحصيل والقرافي لإبهام في كلام الإمام. قال:"الثانية: الطب بديهي التصور، وهو غير العبارات المختلفة والإرادة خلافا للمعتزلة. لنا أن الإيمان من الكافر مطلوب وليس بمراد لما عرفت، وأن الممهد لعذره في ضرب عبده يأمره ولا يريد, واعترف أبو علي وابنه بالتغاير، وشرطا الإرادة في الدلالة ليتميز عن التهديد، قلنا: كونه مجازا كافٍ". أقول: شرع في الفرق بين الطلب والإرادة والصيغة لتعلق الأمر بها، ولأن الطلب مشتبه بالباقين، وقد وقع في حد الأمر حيث قال: هو القول الطالب للفعل، فلذلك ذكر الثلاثة, فأما الطلب فإن تصوره بديهي أي: لا يحتاج في معرفته إلى تعريف بحد أو رسم كالجوع والعطش وسائر الوجدانيات, فإن من لم يمارس العلوم ولم يعرف الحدود والرسوم يأمر وينهى ويدرك تفرقة ضرورية بينهما، ولك أن تقول: التفرقة البديهية لا تتوقف على العلم البديهي بحقيقة كل واحد منهما، بل على العلم البديهي بهما من وجه بدليل أنا نفرق بالبديهة بين الإنسان والملائكة. وقوله:"وهو" أي: الطلب غير العبارات وغير الإرادة, أما مغايرته للعبارات فلأن الطلب معناه واحد لا يختلف باختلاف الأمم، والعبارات مختلفة باختلاف اللغات، وأشار المصنف