للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن الجميع للعموم. ونقل في الأحكام عن الجمهور موافقة الإمام ثم مال إلى أنه يعم. الثامن: قال الشافعي رحمه الله: ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم, المقال مثاله أن ابن غيلان أسلم على عشر نسوة فقال عليه الصلاة والسلام: "أمسك أربعا وفارق سائرهن" ١ ولم يسأله هل ورد العقد عليهن معا أو مرتبا؟ فدل ذلك على أنه لا فرق، على خلاف ما يقوله أبو حنيفة, قال الإمام: وفيه نظر لاحتمال أنه أجاب بعد أن عرف الحال. واعلم أنه قد روي عن الشافعي أيضا أنه قال: حكاية الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال وسقط بها الاستدلال. وقد جمع القرافي بينهما بأن قال: لا شك أن الإجمال المرجوح لا يؤثر، إنما يؤثر المساوي أو الراجح، وحينئذ نقول: الاحتمال مؤثر إن كان في محل الحكم وليس في دليله، فلا يقدح كحديث ابن غيلان وهو مراد الشافعي بالكلام الأول، وإن كان في دليله قدح وهو المراد بالكلام الثاني. التاسع: مثل يا أيها الناس ويا عبادي, يشمل الرسول وقال الحليمي: إن كان معه قل فلا، وقيل: لا يدخل مطلقا. العاشر: المتكلم داخل في عموم متعلق خطابه عند الأكثرين كقوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: ٣] وقولك: من أحسن إليك فأكرمه، قال: ويشبه أن يكون كونه أمرا قرينة مخصصة. قال في الحاصل: وهو الظاهر. الحادي عشر: المدح أو الذم لا يخرج الصيغة عن كونها عامة على الصحيح، وصححه أيضا الآمدي وابن الحاجب ونقلا مقابله عن الشافعي كذلك ابن برهان أيضا, ومثاله قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: ١٣, ١٤] {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: ٣٤] . "فرع": قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] ونحوه يقتضي أخذ الصدقة من كل نوع من المال, نص عليه الشافعي في الرسالة في باب الزكاة فقال عقب ذكره لهذه الآية: ولولا دلالة السنة لكان ظاهر القرآن أن الأموال كلها سواء، وأن الزكاة في جميعها لا في بعضها دون بعض هذا لفظه بحروفه، ورأيت في البويطي نحوه أيضا ونقله ابن برهان عن الأكثرين وكذلك الآمدي وابن الحاجب ثم اختار خلافه.


أخرجه مالك في الموطأ "ص٥٨٦", والسيوطي في الدر المنثور "٢/ ١١٩".

<<  <   >  >>