للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قل: يوهم البداء أو الكذب, قلنا: يندفع بالمخصص". أقول: لما فرغ من العموم شرع يتكلم في الخصوص؛ فلذلك تكلم عن التخصيص والمخصص فذكر في هذا الفصل تعريف الثلاثة، وكذلك أحكام المخصص بفتح الصاد، وأخر أحكام المخصص بكسرها إلى الفصل الثالث. فأما التخصيص فقال أبو الحسين: إنه إخراج بعض ما يتناوله الخطاب، واختاره المصنف ولكنه أبدل الخطاب باللفظ، فقوله: إخراج أي: عما يقتضيه ظاهر اللفظ من الإرادة، والحكم لا عن الحكم نفسه، ولا عن الإرادة نفسها فإن ذلك الفرد ما يدخل فيهما حتى يخرج، ولا عن الدلالة فإن الدلالة هي كون اللفظ بحيث إذا طلق فهم منه المعنى، وهذا حاصل من التخصيص فافهمه، وقوله: اللفظ دخل فيه العام وغيره كالاستثناء من العدد، فسيأتي أنه من المخصصات وكذا بدل البعض كما صرح به ابن الحاجب نحو: أكرم الناس قريشا، وذلك أن تقول: يدخل في هذا إخراج بعض العام بعد العمل به، وسيأتي أنه نسخ لا تخصيص حيث قال: خصنا في حقنا قبل الفعل ونسخ عنا بعده، وأيضا فالتخصيص قد لا يكون من ملفوظ بل من مفهوم كما سيأتي بعد هذه المسألة، ولما كان النسخ شبيها بالتخصيص لكونه مخرجا لبعض الأزمان، فرق بينهما بأن التخصيص إخراج للبعض والنسخ إخراج عن الكل وفيه نظر، لما تقدم من أن إخراج البعض بعد العمل نسخ لا تخصيص. لا جرام أن في بعض النسخ، والنسخ قد يكون عن الكل بزيادة قد وعلى هذا فلا إيراد، والمخصص بفتح الصاد هو العام الذي أخرج عنه البعض لا البعض المخرج عن العام على ما زعمه بعضهم، فإن المخصوص هو الذي تعلق به التخصيص أو دخله التخصيص وهو العام، ويقال: عام مخصص ومخصوص، والمخصص بكسرها هو المخرج بكسر الراء, والمخرج حقيقة هو إرادة المتكلم؛ لأنه لما جاز أن يرد الخطاب خاصا وعاما لم يترجح أحدهما على الآخر إلا بالإرادة. قوله: "ويقال" أي: ويطلق المخصص أيضا على الدال على الإرادة مجازا، والدال يحتمل أن يكون صفة للشيء أي: للشيء الدال على الإرادة وهو دليل التخصيص لفظيا كان أو عقليا أو حسيا تسمية للدليل باسم المدلول، ويحتمل أن يكون صفة للشخص أي: الشخص الدال على الإرادة وهو المريد نفسه، أو المجتهد أو المقلد تسمية للمحل باسم الحال. والثاني: هو الذي ذكره الإمام لا غير فإنه قال: ويقال بالمجاز على شيئين أحدهما: من أقام الدلالة على كون العام مخصوصا في ذاته. وثانيهما: من اعتقد ذلك أو وصفه به، سواء كان الاعتقاد حقا أو باطلا، وأما صاحب الحاصل فإنه قال: ويقال بالمجاز على الدلالة على تلك الإرادة وهذا مخالف للجميع. المسألة الثانية: الشيء القابل للتخصيص هو الحكم الثالث لأمر متعدد؛ لأن التخصيص إخراج البعض والأمر الواحد لا يتصور فيه ذلك، ثم إن المتعدد قد يكون تعدده من جهة اللفظ كقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} فإنه يدل بلفظه على قتل كل مشرك, وخص عنه أهل الذمة وغيرهم، وقد يكون من جهة المعنى

<<  <   >  >>