للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسح الرأس حقيقة فيما ينطلق عليه اسم المسح, وهو القدر المشترك بين الكل والبعض؛ لأن هذا التركيب تارة يأتي لمسح الكل وهو واضح, وتارة يأتي لمسح البعض كما يقال: مسحت يدي برأس اليتيم، وإن لم يمسح منها إلا البعض، فإن جعلناه حقيقة في كل منهما لزم الاشتراك، وإن جعلناه حقيقة في أحدهما فقد لزم المجاز في الآخر، فجعله حقيقة في القدر المشترك دفعا للمحذورين، قال في المحصول: وهذا هو قول الشافعي ثم نقل عن بعض الشافعية أن الباء تدل على التبعيض، فلذلك اكتفينا بالبعض، ولم يذكر المصنف هذا المذهب هنا مع أنه قد جزم به في الفصل المعقود للحروف، والإمام إن كان قد جزم به هناك لكنه لم يصرح بعكسه هنا كما صرح به المصنف بل نقله عن الشافعي فقط. المسألة الثالثة: ذهب بعضهم إلى أن آية السرقة وهي قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] مجملة في اليد والقطع؛ لأن اليد تحتمل العضو كله أي: من المنكب إلى رءوس الأصابع, وتحتمل بعضه أيضا لأنها تطلق على كل منهما، والأصل في الإطلاق الحقيقة، والقطع يحتمل الشق يعني الجرح كقولنا: فلان برى القلم فقطع يده أي: جرحها ويحتمل أيضا الإبانة وهو فصل العضو كقولنا: سرق فقطعت يده. قوله: "القطع الشق" أي: يحتمل الشق, قال المصنف: والحق أنه ليس فيها إجمال لا من جهة اليد ولا من جهة القطع أما اليد فنقول: إنها حقيقة في الكل وتذكر للبعض بطريق المجاز بدليل قولنا في البعض: إنه ليس كل اليد، وأما القطع فهو حقيقة في الإبانة، ولا شك أن الشق أي: الجرح إبانة أيضا؛ لأن فيه إبانة بعض أجزاء اللحم عن بعض فيكون متواطئا.

<<  <   >  >>