مدخل له في الإقرار بالزنا، فإن الشخص يستحب له أن يستر على نفسه ولا يقر, فتعين صرفه إلى الصحة, وإن كان له حكمان: الفضيلة والجواز, فليس أحدهما أولى من الآخر فتعين الإجمال، ثم مثل له الإمام بقولنا: لا عمل إلا بنية، وقال: لقائل أن يقول: صرفه إلى الصحة أولى لأنه أقرب إلى الحقيقة، هذا حاصل كلام المحصول, وعبر في الحاصل عن قول الإمام, ولقائل أن يقول بقوله وعندي، واستفدنا من هذا الكلام كله أن ما ليس بشرعي كالعمل يكون مجملا خلافا لما مال إليه الإمام من حمله على الصحة وقد تبعه عليه الآمدي وابن الحاجب، وصححاه أعني الحمل على الصحة، واستفدنا منه أيضا أن الشرعي فيه مذهبان أحدهما: الإجمال, والثاني: حمله على الحقيقة وهو رأي الأكثرين واختاره أيضا الآمدي وابن الحاجب وغيرهما، فأما ما قاله المصنف من كونه ليس مجملا ولا محمولا على الحقيقة الشرعية بل على المجاز الأقرب إلى نفي الذات فخارج عن القولين معا، ولا شك أنه توهم أن بحث الإمام عائد إلى الكل لكونه ذكره في آخر المسألة، وإنما ذكره في الاسم اللغوي فقط، نعم يستقيم ما قاله المصنف إذا أنكرنا الحقائق الشرعية كما قاله الآمدي وابن الحاجب. السبب الثاني من الأسباب المرجحة لأحد المجازات: أن يكون أظهر عرفا كقوله -عليه الصلاة والسلام:"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" فإن حقيقة اللفظ ارتفاع نفس الخطأ وهو باطل لاستحالة رفع الشيء بعد صدوره، فتعين حمله على المجاز بإضمار الحكم، أو الحرج يعني الإثم ويرجح. الثاني يعني الإثم لكونه أظهر عرفا؛ لأن السيد لو قال لعبده: رفعت عنك الخطأ, لتبادر إلى الفهم منه نفي المؤاخذة. الثالث: أن يكون أعظم مقصودًا كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[المائدة: ٣] فإن حقيقة اللفظ تحريم نفس العين كما قال به بعضهم لكنه باطل قطعا، فإن الأحكام الشرعية لا تتعلق إلا بالأفعال المقدورة للمكلفين، والعين ليست من أفعالهم فتعين الصرف إلى المجاز بإضمار الأكل أو البيع أو اللمس أو غيرها، ويرجح الأكل بكونه أعظم مقصودا عرفا فحمل اللفظ عليه، والمثالان الأخيران ذكرهما المصنف بطريق اللف والنشر، وحكى الإمام عن بعضهم أنهما مجملان أيضا. قال:"الثانية: قالت الحنفية: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} مجمل، وقالت المالكية: يقتضي الكل، والحق أنه حقيقة فيما ينطلق عليه الاسم دفعا للاشتراك والمجاز. الثالثة: قيل: آية السرقة مجملة؛ لأن اليد تحتمل الكل والبعض، والقطع الشق والإبانة, والحق أن اليد للكل وتذكر للبعض مجازا، والقطع للإبانة، والشق إبانة". أقول: اختلفوا في إجمال قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ}[المائدة: ٦] فقالت الحنفية: إنه مجمل؛ لأنه يحتمل مسح الجميع ومسح البعض احتمالا على السواء, وقد بينه عليه الصلاة والسلام فمسح بناصيته ومقدارها الربع فكان الربع واجبا، وقال غيرهم: لا إجمال فيها، ثم اختلفوا فقالت المالكية: إنها تقتضي مسح الجميع؛ لأن الرأس حقيقة في الكل قال المصنف: الحق أن