للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيل: ما لا تتناولهم وإن سلم لكنهم خصوا بالعقل وأجيب بقوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} [الشمس: ٥] وإن عدم رضاهم لا يعرف إلا بالنقل، قيل: تأخير البيان إغراء, قلنا: كذلك ما يوجب الظنون الكاذبة، قيل: كالخطاب بلغة لا تفهم, قلنا: هذا يفيد غرضا إجماليا بخلاف الأول". أقول: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة أي: وقت العمل بذلك المجمل إن منعنا التكليف بما لا يطاق؛ لأن الإتيان بالشيء مع عدم العلم به محال. وكلام المصنف هنا مخالف لما أسلفه من جواز التكليف به فالصواب بناؤه عليه كما ذكرته وهو المذكور في المحصول والحاصل، وأما تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة فالصحيح عند الإمام وأتباعه وابن الحاجب أنه يجوز ونقله في المحصول عن مذهبنا، ومنعت المعتزلة ذلك. قال في المحصول: إلا في النسخ فإنهم وافقونا على جواز تأخيره, وأهمل المصنف استثناءه وفصل أبو الحسن البصري من المعتزلة، ومن الشافعية القفال والدقاق وأبو إسحاق المروزي، فقالوا: المجمل إن لم يكن له ظاهر يعمل به كالمشترك فيجوز تأخير بيانه؛ لأن تأخيره لا يوقع في محذور, وإن كان له ظاهر يعمل به فيجوز تأخير البيان التفصيلي بشرط وجود البيان الإجمالي وقت الخطاب مانعا من الوقوع في الخطأ مثل أن يقول: المراد بهذا العام هو المخصوص وبهذا المطلق هو المقيد وبالنكرة فرد معين, بهذا اللفظ معنى مجازي أو شرعي وهذا الحكم سينسخ. وأما البيان التفصيلي وهو كونه مخصوصا بكذا فغير شرط، وحاصله أن الشرط عند هؤلاء أحد البيانين فقوله بالبيان أي مع البيان وفي النقل عن القفال نظر. فقد رأيت في كتاب الإشارة له أنه يجوز تأخير البيان, وقوله: فيما عدا المشترك متعلق باشتراط البيان لا بقوله: جوز فيكون عامله محذوفا أي: كانئا فيما عدا المشترك, ونقل في المحصول عن أبي الحسين استثناء المتواطئ أيضا مع المشترك وهو فاسد معنى؛ لأن له ظاهرا وهو ما شاء المكلف من الأفراد، ونقلا لأن أبا الحسين لم يذكر سوى المشترك على ما نقله الأصفهاني شارح المحصول، ولأجل هذين المعنيين لم يذكره المصنف فافهمه، ولم يصرح الآمدي باختيار شيء من المذاهب بل مال إلى التوقف، ثم استدل المصنف على مذهبه بثلاثة أدلة، الأول: يدل على جوازه مطلقا أي: في التخصيص وغيره مما له ظاهر أو ليس له ولهذا قال: لنا مطلقا، والثاني: خاص بالنكرة، والثالث: خاص بالعموم؛ ولهذا قال: وخصوصا كذا وكذا. والدليل الأول قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: ١٨، ١٩] ذكر البيان بلفظ {ثُمَّ} وهي للتراخي فدل على أنه يجوز تراخيه عن اتباع الرسول واتباع الرسول متأخر عن الإنزال وهو المراد بقوله تعالى: {قَرَأْنَاهُ} أي: {أنزلناه} إنما قلنا: إن المراد بقوله مطلقا أي: عاما مطلق الدلالة؛ لأن المطلق يصدق بصوره فلا يكون فيه حجة على أبي الحسين في اشتراطه أحد البيانين، إما التفصيلي أو الإجمالي، والمصنف قد استدل به عليه, فإن قيل: فأين

<<  <   >  >>