للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على من ساعد مجتهدا في حكم مساعدته في جميع الأحكام. قيل: أجمعوا على الاتحاد قلنا: عين الدعوى. قيل: قال الثوري: الجماع ناسيا يفطر والأكل لا. قلنا: ليس بدليل". أقول: إذا لم يفصل المجتهدون بين مسألتين بل أجاب بعضهم فيها بالنفي وبعضهم بالإثبات, فهل لمن يأتي بعدهم من المجتهدين الفصل؟ فيه تفصيل سنذكره، وهذه المسألة قريبة في المعنى من التي قبلها, فإن التفصيل بينهما بعد إطلاق الفريقين إحداث لقول ثالث فيهما, ولأجل ذلك لم يفردها الآمدي ولا ابن الحاجب بل جعلاهما مسألة واحدة، وحكما عليها بالحكم السابق، ولكن الفرق بينهما أن هذه المسألة مفروضة فيما إذا كان محل الحكم متعددا، وأما تلك ففيما إذا كان متحدا. وحاصل التفصيل الذي في هذه المسألة أنهم إن نصوا على أنه لا فرق بين المسألتين فلا يجوز الفصل، وإليه أشار بقوله: إن نصوا بعدم الفرق وعداه بالباء لتضمنه معنى: صرحوا، وهذا القسم لا نزاع فيه؛ ولهذا جزم به الإمام في المحصول، وقال في الحاصل: إنه لا سبيل إلى الخلاف فيه, وكلام الكتاب والمنتخب يقتضي إجراء الخلاف فيه، والقول به غير ممكن. وأما إذا لم ينصوا على عدم الفرق, ففيه ثلاثة مذاهب أشار إليها المصنف، أحدها: الجواز مطلقا، والثاني: المنع مطلقا، والثالث وهو المرجح في المنتخب والحاصل واختاره المصنف: أنه إن اتحد الجامع بين المسألتين فلا يجوز، كتوريث العمة والخالة فإن علة توريثهما أو عدم توريثهما كونهما من ذوي الأرحام, وكل من ورث واحدة أو منعها قال في الأخرى كذلك, فصار ذلك بمثابة قولهم: لا تفصلوا بينهما، وإن لم يتحد الجامع بينهما فيجوز كما إذا قال بعضهم: لا زكاة في مال الصبي ولا في الحلي المباح، وقال بعضهم بالوجوب فيهما فيجوز الفصل، واستدل المصنف عليه بقوله: وإلا وجب، أي: لو لم يجز الفصل لكان كل من ساعد مجتهدا في حكم أي: وافقه عليه, يجب عليه أن يساعده في جميع الأحكام وهو باطل اتفاقا، ووجه الملازمة أن امتناع التفصيل يقتضي موجبا، لا موجب سوى موافقة بعض المجتهدين في حكم إحدى المسألتين، واستدل المانعون مطلقا بأن فتوى بعضهم بالتحليل فيهما وبعضهم بالتحريم فيهما، إجماع على اتحاد الحكم فلا يجوز خلافه، وأجاب المصنف بقوله: قلنا: عين الدعوى أي: لا نسلم أن عدم التفصيل إجماع على اتحاد الحكم, فإنه عين النزاع بل نتبرع ونقول: لا يدل عليه؛ لأن عدم القول بالتفصيل غير القول بعدم التفصيل، أو معناه أنه لا محذور في مخالفة هذا الإجماع، فإن الواقع منهم ليس هو التنصيص على الاتحاد بل الاتحاد في فتواهم، ونحن لا نسلم أنه يمنع من الفصل, فإن ذلك أوان المسألة، وهذا الثاني هو جواب المحصول ولم يجب عنه في المنتخب بشيء، واحتج المجوزون مطلقا بأن الناس اختلفوا في تعاطي المفطرات نسيانا، ثم إن الثوري فصل بينهما مع اتحادهما في العلة، فقال: الجماع ناسيا يفطر بخلاف الأكل ناسيا، وأجاب المصنف بأن مذهب

<<  <   >  >>