المقارن للحكم إن ناسبه بالذات كالسكر للحرمة فهو المناسب، أو بالتبع كالطهارة لاشتراط النية فهو الشبه، وإن لم يناسب فهو الطرد كبناء القنطرة للتطهير، وقيل: ما لم يناسب إن علم اعتبار جنسه القريب فهو الشبه وإلا الطرد، واعتبر الشافعي المشابهة في الحكم، وابن علية في الصورة, والإمام ما يظن استلزامه ولم يعتبره القاضي مطلقا. لنا أنه يفيد ظن وجود العلة فيثبت الحكم, قال: ما ليس بمناسب فهو مردود بالإجماع، قلنا: ممنوع". أقول: هذا هو الطريق الخامس من الطرق الدالة على العلية وهو الشبه، واختلفوا في تعريفه, فقال بعضهم: وهو الوصف الذي لا تظهر فيه المناسبة بعد البحث التام، ولكن ألف من الشارع الالتفات إليه في بعض الأحكام، فهو دون المناسب، وفرق الطردي، ولأجل شبهه بكل منهما سمي الشبه, ومثاله قول الشافعي في إزالة النجاسة: طهارة تراد لأجل الصلاة, فلا تجوز بغير الماء كطهارة الحدث، فإن الجامع هو الطهارة ومناسبتها لتعيين الماء فيها بعد البحث التام غير ظاهرة، وبالنظر إلى كون الشارع اعتبرها في بعض الأحكام كمس المصحف والصلاة والطواف، يوهم اشتمالها على المناسب، وهذا القول نقله الآمدي عن أكثر المحققين. قال: وهو الأقرب إلى قواعد الأصول ولم يذكره المصنف، قال القاضي أبو بكر الباقلاني: الوصف المقارن للحكم إن ناسبه بالذات، فهو المسمى المناسب، كالسكر مع التحريم، وإن لم يناسبه بالذات بل بالتبع أي: بالاستلزام فهو الشبه, كتعليل وجوب النية في التيمم بكونه طهارة حتى يقاس عليه الوضوء، فإن الطهارة من حيث هي لا تناسب اشتراط النية، وإلا اشترطت في الطهارة عن النجس، لكن تناسبه من حيث إنها عبادة، والعبادة مناسبة لاشتراط النية, وإن لم تناسبه بالذات ولا بالتبع فهو الطرد، كاستدلال المالكي مثلا على جواز الوضوء بالماء المستعمل بقوله: إنه مائع, تبنى القنطرة على جنسه، فيجوز الوضوء به قياسا على الماء في النهر. فإن بناء القنطرة على الماء ليس مناسبا لكونه طهورا أو مستلزما له، وقال بعضهم: الوصف الذي لم يناسب الحكم إن علم اعتبار جنسه القريب في الجنس القريب لذلك الحكم فهو الشبه, وإن لم يعلم اعتبار جنسه القريب في الجنس القريب فهو الطرد، ومثله بعضهم بإيجاب المهر بالخلوة بالزوجة على القول القديم. فإن الخلوة لا تناسب وجوب المهر؛ لأن وجوبه في مقابلة الوطء, إلا أن جنس هذا الوصف وهو كون الخلوة مظنة للوطء قد اعتبر في جنس الوجوب وهو الحكم، ووجه اعتباره فيه أنه قد اعتبر في التحريم، والحكم جنس له, فعلينا من التقسيم الأول أن الشبه هو الوصف المقارن للحكم المناسب له بالتبع، وهذا هو المعبر عنه بقياس الدلالة, وقد فسروه بأنه الجمع بين الأصل والفرع بما لا يناسب الحكم، ولكن يستلزم المناسب, وعلمنا من التقسيم الثاني أنه الوصف الذي ليس مناسبا وعلم اعتبار جنسه القريب في جنس الحكم القريب, ولم يرجح الإمام ولا أتباعه شيئا من هذا الخلاف وكذلك ابن الحاجب أيضا، واعلم