للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن التعبير عما ليس بمناسب ولا مستلزم للمناسب بالطرد ذكره جماعة، والتعبير المشهور فيه هو الطردي بزيادة الياء، وأما الطرد فمن جملة الطرق الدالة على العلية كما سيأتي في القسم الثاني. قوله: "واعتبر الشافعي ... إلخ" هو فرع آخر سماه الشافعي: قياس الأشياء، وأدخله المصنف في مسألة قياس الشبه؛ لأن فيه مناسبة له، وحاصله أنه إذا تردد فرع بين أصلين قد أشبه أحدهما في الحكم والآخر في الصورة، قال الشافعي -رحمه الله: يعتبر المشابهة في الحكم؛ ولهذا ألحق العبد المقتول بسائر المملوكات في لزوم قيمته على القاتل, وإن زادت على الدية، والجامع أن كلا منهما يباع ويشترى، واعتبر ابن علية المشابهة في الصورة حتى لا يزاد على الدية، ونقله إمام الحرمين في البرهان عن أبي حنيفة وأحمد؛ ولهذا أوجب أحمد التشهد الأول كالثاني, ولم يوجب أبو حنيفة الثاني كالأول. وقال الإمام فخر الدين: متى حصلت المشابهة فيما يظن أنه علة للحكم أو مستلزم لما هو علة له, صح القياس مطلقا سواء كان في الصورة أو الحكم، وقال القاضي أبو بكر: لا اعتبار بعلية ما ذكر هنا مطلقا، ومقتضى كلام المصنف أن القاضي خالف في الشبه وفي قياس الأشياء، وقد أخذ الشارحون ظاهره فصرحوا به, وليس كذلك؛ فقد صرح الغزالي في المستصفى بأن قياس الأشياء ليس فيه خلاف؛ لأنه متردد بين قياسين مناسبين, ولكن وقع التردد في تعيين أحدهما, ذكر ذلك في الطرف الثالث قبيل باب أركان القياس, وذكر في البرهان قريبا منه أيضا وكلام المحصول لا يرد عليه شيء, فإنه نقل خلاف القاضي في الشبه خاصة، ولكن الذي أوقع المصنف في الوهم أن الإمام بعد فراغه من تفسير المشبه قال: واعلم أن الشافعي رحمه الله يسمي هذا قياس غلبة الأشياء، وهو أن يكون الفرع واقعا بين أصلين إلى آخر ما قال، فتوهم المصنف أنه أشار بقوله هذا إلى ما تقدم من تفسير قياس الشبه وليس كذلك, بل إشارة إلى وقوع الفرع بين أصلين. قوله: "لنا" أي: الدليل على أن قياس الشبه معتبر وذلك أن الشبه يفيد ظن كون الوصف علة, أما على التفسير الأول من تفسيري المصنف فلأنه مستلزم للعلة، وأما على التفسير الثاني فلأنه لما ثبت أن الحكم لا بد له من علة، ورأينا تأثير جنس الوصف في جنس الحكم دون غيره من الأوصاف، كأن ظن إسناد الحكم إليه أقوى من ظن إسناده إلى غيره, وإذا ثبت إفادته للظن وجب العمل به لما تقدم غير مرة، واحتج القاضي بأن الشبه ليس بمناسب، وما ليس بمناسب فهو مردود, فإن كان مستلزما له فليس مردودا بالاتفاق بل هو حجة عندنا وهو أول المسألة. قال: "السادس: الدوران, وهو أن يحدث الحكم بحدوث وصف, وينعدم بعدمه، وهو يفيد ظنا، وقيل: قطعا، وقيل: لا قطعا، وقيل: ولا ظنا. لنا أن الحادث له علة, وغير المدار ليس بعلة؛ لأنه إن وجد قبله فليس بعلة التخلف، وإلا فالأصل عدمه, وأيضا علية بعض المدارات مع التخلف في شيء من الصور، لا تجتمع مع عدم علية بعضها؛ لأن ماهية الدوران إما أن تدل على علية المدار

<<  <   >  >>