علم المتأخر منهما فهو مذهبه، ويكون الأول منسوخا، وإلا حكي عنه القولان من غير أن نحكم على أحدهما بالرجوع. قوله:"وأقوال الشافعي كذلك" هي إشارة إلى الحالين المتقدمين؛ أي: وقع منه التنصيص عليهما في موضع واحد من غير ترجيح البتة، منحصر في سبع عشرة مسألة، على ما نقله الشيخ أبو إسحاق الشيرازي عن الشيخ أبي حامد. وقوله:"وهو دليل" أي: وقوع القولين من الشافعي على الوجهين المتقدمين دليل على علو شأنه في العلم والدين، فأما الحال الأول، وهو وقوع القولين في موضع واحد، فوجه دلالته على علو شأنه في العلم أن كل من كان أغوص نظرا وأتم وقوفا على شرائط الأدلة، كانت الإشكالات الموجبة للتوقف عنده أكثر، وأما في الدين فلأنه لما لم يظهر له وجه الرجحان صرح بعجزه عما هو عاجز فيه، ولم يستنكف من الاعتراف بعدم العلم به، وقد نقل الاعتراف بذلك عن عمر أيضا وعده المسلمون من مناقبه، وأما النوع الثاني وهو تنصيصه على القولين في موضعين، فوجه دلالته على علو شأنه في العلم أنه يعرف به أنه كان طول عمره مشتغلا بالطلب والبحث، وأما في الدين فلأنه لا يدل على أنه متى لاح له في الدين شيء أظهره، وأنه لم يكن يتعصب لترويج مذهبه. "فرع" قال في المحصول: إذا لم نعرف القول المنسوب إلى الشافعي في القولين المطلقين، وعرفنا قوله في نظير تلك المسألة، فإن كان بين المسألتين فرق يجوز أن يذهب إليه ذاهب لم نحكم بأن قوله في المسألة كقوله في نظيرها؛ لجواز أن يكون قد ذهب إلى الفرق، وإن لم يكن بينهما فرق البتة، فالظاهر أن يكون قوله في إحدى المسألتين قولا له في الأخرى، وهذه المسألة هي المعروفة بأن لازم المذهب هل هو مذهب أم لا؟ .