الراوي, وهذا الكلام يحتمل أمرين صرح باعتبارهما في المحصول، أحدهما: أن يكون أحدهما قد حفظ لفظ الحديث، واعتمد الآخر على المكتوب، فالحافظ أولى لأنه أبعد عن الشبهة, قال: وفيه احتمال. الثاني: أن يكون أحدهما أكثر حفظا، أي: أقل نسيانا، فإن روايته راجحة على من كان نسيانه أكثر، فإن حملنا كلام المصنف على الثاني فيكون معطوفا على لفظ الكثرة من قوله: وبكثرة المزكين وتقديره: ولكثرة حفظه، الخامس عشر: زيادة ضبط الراوي, والضبط هو شدة الاعتناء بالحديث والاهتمام بأمره، فإذا كان أحدهما أشد اعتناء به واهتماما يرجح خبره, ولو كان ذلك يعني زيادة الضبط لألفاظ الرسول -عليه الصلاة والسلام- بأن يكون أكثر حرصا على مراعاة كلماته وحروفه، قال في المحصول: فلو كان أحدهما أكثر ضبطا لكنه أكثر نسيانا، وكان الآخر بالعكس، ولم يكن قلة الضبط وكثرة النسيان بحيث يمتنع من قبول خبره فالأقرب التعارض، وهذا الذي قاله يدل على تفسير الضبط بما قلناه, لا بعدم النسيان كما قاله الشارحون، السادس عشر: دوام عقل الراوي، فيرجح الخبر الذي يكون راويه سليم العقل دائما على الخبر الذي اختلط عقل راويه في بعض الأوقات. هكذا أطلقه المصنف تبعا للحاصل والتحصيل, وشرط في المحصول مع ذلك أن لا يعلم هل رواه في حال سلامة عقله أم في حال اختلاطه. السابع عشر: شهرة الراوي؛ لأن الشهرة بالمنصب أو بغيره مانعة من الكذب، ومانعة أيضا من التدليس عليه, الثامن عشر: نسبه، التاسع عشر: عدم التباس اسمه، فإن التبس اسمه باسم غيره أي: من الضعفاء، وصعب التمييز كما قاله في المحصول كانت رواية غيره راجحة على روايته. قال: وكذلك صاحب الاسمين مرجوح بالنسبة إلى الاسم الواحد, وهذا قد يدخل أيضا في كلام المصنف, وسبب مرجوحيته أن صاحب الاسمين بكثرة اشتباهه بغيره مما ليس بعدل، بأن يكون هناك غير عدل يسمى بأحد اسميه, فإذا روى عنه راو وظن سامعه أنه يروي عن العدل، فإذا كان اسمه واحدا قل احتمال اللبس, العشرون: تأخر إسلام الراوي, فالخبر الذي يكون راويه متأخر الإسلام عن راوي الخبر الآخر راجح؛ لأن تأخر الإسلام دليل على تأخر روايته. هكذا ذكر صاحب الحاصل وابن الحاجب حكما وتعليلا، فتبعه المصنف، وجزم الآمدي بعكسه؛ لقوة أصالة المتقدم في الإسلام ومعرفته، وأما الإمام فإنه ذكر أيضا كما قاله المصنف لكن شرط فيه أن يعلم أن سماعه وقع بعد إسلامه، ثم قال: والأولى أن يفصل, فيقال: المتقدم إذا كان موجودا في زمان المتأخر، لم يمتنع أن تكون روايته متأخرة عن رواية المتأخر، فأما إذا علمنا أن المتقدم مات قبل إسلام المتأخر، أو علمنا أن روايات المتقدم أكثرها متقدم على روايات المتأخر، فههنا نحكم بالرجحان؛ لأن النادر ملحق بالغائب. قال:"الثاني: بوقت الرواية, فيرجح الراوي في البلوغ على الراوي في الصبى، وفي البلوغ، والمتحمل وقت البلوغ على المتحمل في الصبى، أو فيه أيضا".