للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثواب على مجموع أمور لا يجوز ترك كلها ولا يجب فعلها، والمصنف وعد بذكر الجوابين، ولم يجب عن العقاب وقد وقع ذكره في بعض النسخ فقال: يستحق ثواب وعقاب أمور, قال ابن التلمساني في شرح المعالم: والجواب الحق أن نقول: لا يخلو إما أن يأتي بالجميع على الترتيب أو على المعية, فإن أتى بها على الترتيب كان ثواب الواحد حاصلا على الأول, وإن أتى بها معا كان مرتبا على الأعلى، وإن تفاوت لأنه لو اقتصر عليه لحصل له ذلك, فإضافة غيره إليه لا تنقضه، وإن تساوت فإلى أحدها وإن ترك الجميع عوقب على أقلها؛ لأنه لو اقتصر عليه لأجزأ. وهذا الجواب نقله الإمام في المحصول، والمنتخب عن بعضهم، وإن كان المذكور هنا فيه زيادة ثم قال: ويمكن أن يقال كذا وكذا، وذكر جواب المصنف وإنما لم يذكر المصنف الجواب الآخر؛ لأن صاحب الحاصل قال: إنه ضعيف؛ لأنه يوجب تعيين الواجب, قال: بل الصواب الجواب الآخر، وما قاله باطل فإنه لا يلزم من تعيينه بعد الإيقاع تعيينه في أصل التكليف، والمحذور إنما هو التعيين في أصل التكليف, بدليل أن الآتي بأية الخصال شاء يكون آتيا بالواجب اتفاقا، كا تقدم من كلام المصنف مع أنها معينة قال: "تذنيب: الحكم قد يتعلق على الترتيب, فيحرم الجمع كأكل المذكى والميتة, أو يباح كالوضوء والتيمم, أو يسنّ ككفارة الصوم" أقول: هذا الفرع شبيه بالواجب المخير، من حيث إن الحكم فيه تعلق بأمور متعددة وإن كان تعلقه بالترتيب, فلما ذكر الواجب المخير ذكره بعده لكونه كالفضلة منه والبقية، فلذلك عبر بالتذنيب وهو بالذال المعجمة, قال الجوهري: ذنّب عمامته بالتشديد: إذا أفضل منها شيئا فأرخاه كالذنب، وحكى الجوهري أيضا أنه يقال: ذنبه يذنبه بالتخفيف أي: تبعه يتبعه, فهو ذانب أي: تابع, فيجوز أن يكون التذنيب مأخوذا من الأول، وعلى هذا فلا كلام، ويجوز أن يكون مأخوذا من الثاني تضعيفه ليصير متعديا إلى اثنين كعرف وغيره، والمعنى: أنه ذنب هذا الفرع ذلك الأصل أي: أتبعه إياه, والإمام وأتباعه عبروا عن هذا بقولهم: فرع وحاصل ما.

قال: إن الحكم قد يتعلق على الترتيب, وحينئذ فينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم يحرم الجمع كأكل المذكى والميتة وهذا واضح, وقسم يباح الجمع كالوضوء والتيمم فإن التيمم عند العجز عن الماء واجب ولو استعمله أيضا مع الماء لكان جائزًا، وقسم يسن ككفارة المجامع في رمضان فإنه يجب عليه إعتاق رقبة, فإن عجز فصيام شهرين, فإن عجز فإطعام ستين مسكينا, ويستحب له الإتيان بالثلاثة. وهذه المثل ذكرها الإمام وأتباعه لكن التمثيل بالتيمم فاسد؛ لأن التيمم مع وجود الماء لا يصح، والإتيان بالعبادة الفاسدة حرام إجماعا لكونه تلاعبا كما صرحوا به في الصلاة الفاسدة، فإن فرض أنه استعمل التراب في وجهه ويديه لا على قصد العبادة, فلا يكون تيمما وتمثيله أيضا بالكفارة فيه نظر؛ لأن الكفارة سقطت الأول, فلا ينوي بالثاني الكفارة لعدم بقائها عليه

فلا تكون كفارة، لكن القرب من حيث هي مطلوبة، وفي المحصول ومختصراته أن الأقسام الثلاثة أيضا تجري في الواجب المخير, فتحريم الجمع كنصب المستعدين للإمامة، وتزويج المرأة من خاطبين، وإباحة الجمع كستر العورة بثوب بعد ثوب، واستحبابه كخصال كفارة اليمين.

<<  <   >  >>