للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه خمس لغات: اسم بكسر الهمزة، واسم بضمها، وسِمٌ بكسر السّين وسُمٌ بضمها. قال الشاعر:

[٣]

وعامنا أَعْجَبَنَا مُقَدَّمُه ... يُدْعَى أَبَا السَّمح وقِرْضَابٌ سُمُه

مُبْتَرِكًا لِكُلِّ عظم يَلْحُمُه

وقال:

[٤]

باسم الذي في كل سورة سِمُه ... قد وردت على طريق تَعْلَمُه


= أي اسما "مباركًا" أي ذا بركة "آثرك" ميزك واختصك، و"إيثارك" هو مصدر مضاف إلى ضمير المخاطب، ويجوز أن يكون هذا الضمير فاعل المصدر، كم يجوز أن يكون مفعوله؛ فعلى الأول يكون المعنى: آثرك الله بهذا الاسم المبارك إيثارًا مثل إيثارك أنت الناس بالمعروف والعطاء وعلى الوجه الثاني يكون المعنى: آثرك الله بالاسم المبارك إيثارًا مثل إيثاره إيَّاك بالفضل ومكارم الأخلاق. والاستشهاد به في قوله "سما" فقد زعم المؤلف أن هذه الكلمة مقصورة مثل هُدَى وتُقَى وضحى، وعلى هذا يكون نصبها بفتحة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، كما تقول: استيقظت ضحى، واتقيت تقى، واتبعت هدى، ولكن هذا الذي ذكره المؤلف ليس بمتعين، فإنه يجوز أن تكون كلمة "سما" في هذا البيت قد جاءت على لغة من يقول "سم" بكسر السين أو ضمها وآخره صحيح مثل غد ويد ودم وأب وأخ، ويكون منصوبًا منونًا كما تقول: أزورك غدًا، واتخذت عندك يدًا، وقد أرقت دمًا، وما أشبه ذلك، ومتى جاز في هذا الشاهد هذان الوجهان لم يصلح أن يكون دليلًا على إحدى اللغتين بعينها؛ لأن الدليل متى تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، كما يقولون، ونظير هذا البيت في احتمال اللغتين ما أنشده أبو العباس:
فدعْ عنك ذكر اللهو، واعمدْ بمدحه ... لخير معد كلها حيثما انتمى
لأعظمها قدرًا، وأكرمها أبًا، ... وأحسنها وجهًا، وأعلنها سما
والذي يتعين أن يكون مقصورًا ما حكاه صاحب الإفصاح من قول بعضهم "ما سماك" فإنه قد أثبت الألف مع الإضافة، وذلك يفيد كونه مقصورًا؛ إذ لو كان عنده صحيح الآخر كيد وغد لقال "ما سمك" بضم الميم، فتأمل ذلك.
[٣] هذه ثلاثة أبيات من الرجز المشطور أنشدها كلها صاحب اللسان "ق ر ض ب -برك- س م و" من غير عزو، وأنشد موفق الدين بن يعيش أولهما وثانيها من غير عزو أيضًا، وأنشدهما ابن جني في شرح تصريف المازني "١/ ٦٠" وتقول "قرضب الرجل فهو قرضاب" إذا أكل شيئًا يابسًا، وتقول "رجل مبترك" إذا كان معتمدًا على الشيء ملحًا فيه، يريد أنهم ظنوا في مقدم العام أنه سيكون عام رخاء، فإذا هو يكون عام شدة وجدب، يلح على أموالهم بالإفناء حتى يأتي عليها، والاستشهاد فيه بقوله "سمه" وهو يروى بكسر السين وضمها، فيكون دليلًا على أن من العرب من يقول في الاسم "سم" بحذف لامه من غير تعويض ومعاملته معاملة الصحيح الآخر كغد ويد ودم وأخ وأب، وذلك ظاهر.
[٤] هذان بيتان من الرجز المشطور أنشدهما ابن منظور في اللسان "س م و"، وأنشدهما موفق =

<<  <  ج: ص:  >  >>