ذهب الكوفيون إلى أن العامل في المفعول النصب الفعلُ والفاعلُ جميعًا، نحو "ضرب زيدٌ عمرًا". وذهب بعضهم إلى أن العامل هو الفاعل، ونصَّ هشام بن معاوية صاحب الكسائي على أنك إذا قلت "ظننت زيدًا قائمًا" تنصب زيدًا بالتاء وقائمًا بالظن. وذهب خلف الأحمر من الكوفيين إلى أن العامل في المفعول معنى المفعولية، والعامل في الفاعل معنى الفاعلية.
وذهب البصريون إلى أن الفعل وحده عمل في الفاعل والمفعول جميعًا.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إن العامل في المفعول النصب الفعل والفاعل وذلك لأنه لا يكون مفعول إلا بعد فعل وفاعل، لفظًا أو تقديرًا، إلا أن الفعل والفاعل بمنزلة الشيء الواحد، والدليل على ذلك من سبعة أوجه:
الأول: أن إعراب الفعل في الخمسة الأمثلة يقع بعده نحو "يفعلان، وتفعلان، ويفعلون، وتفعلون، وتفعلين، يا امرأة" ولولا أن الفاعل بمنزلة حرف من نفس الفعل وإلا لما جاز أن يقع إعرابُهُ بعده.
والوجه الثاني: أنه يُسَكَّن لام الفعل إذا اتصل به ضمير الفاعل، نحو "ضربتَ، وذهبتَ" لئلا يجتمع في كلامهم أربعُ حركات متواليات في كلمة واحدة، ولولا أن ضمير الفاعل بمنزلة حرف من نفس الفعل وإلا لما سكنت لام الفعل لأجله.
والوجه الثالث: أنه يلحق الفعل علامة التأنيث إذا كان الفاعل مؤنثًا، فلولا أنه يتنزل منزله بعضِهِ وإلا لما أُلْحِقَ علامة التأنيث؛ لأن الفعل لا يؤنَّث، وإنما يؤنث الاسم.
١ انظر في شرح هذه المسألة: شرح المفصل "ص١٥٣ وشرح الكافية "١/ ١١٥" وأسرار العربية للمؤلف "ص٣٧ ط ليدن" والتصريح للشيخ خالد الأزهري "١/ ٣٧٤ بولاق".