للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣١- مسألة: [القول في تقديم الحال على الفعل العامل فيها] ١

ذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز تقديم الحال على الفعل العامل فيها مع الاسم الظاهر٢، نحو: "راكبًا جاء زيد" ويجوز مع المضمر، نحو "راكبًا جئتُ". وذهب البصريون إلى أنه يجوز تقديم الحال على العامل فيها مع الاسم الظاهر والمضمر.

وأما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا لا يجوز تقديم الحال على العامل فيها، وذلك لأنه يؤدِّي إلى تقديم المضمر على المظهر، ألا ترى أنك إذا قلت: "راكبًا جاء زيد" كان في "راكبًا" ضميرُ زيد، وقد تقدم عليه، وتقديم المضمر على المظهر لا يجوز.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه يجوز تقديم الحال على العامل فيها إذا كان العامل فعلًا نحو "راكبًا جاء زيد" للنقل والقياس:

أما النقل فقولهم في المثل "شَتَّى تَئُوبُ الحَلَبَةُ٣" فشتى: حال مُقَدَّمَة على الفعل العامل فيها مع الاسم الظاهر، فدلَّ على جوازه.

وأما القياس فلأن العامل فيها متصرف، وإذا كان العامل متصرفًا وجب أن يكون عمله متصرفًا، وإذا كان عمله متصرفًا وجب أن يجوز تقديم معموله عليه، كقولهم "عَمْرًا ضَرَبَ زيد" فالذي يدل عليه أن الحال تُشَبَّهُ بالمفعول، وكما يجوز تقديم المفعول على الفعل، فكذلك يجوز تقديم الحال عليه.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: قولهم "إنما لم يجز تقديم الحال لأنه


١ انظر في هذه المسألة: شرح الأشموني "٣/ ٦٢ بتحقيقنا" وحاشية الصبان "٢/ ١٥٩ بولاق" وتصريح الشيخ خالد "١/ ٤٥٨" وشرح المفصل "ص٢٣٤ وما بعدها" وشرح الرضي على الكافية "١/ ١٨٧".
٢ يريد إذا كان صاحب الحال -الذي هو فاعل الفعل مثلًا- اسمًا ظاهرًا.
٣ انظر المثل ١٩١٤ في مجمع الأمثال "١/ ٣٥٨ بتحقيقنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>