ذهب الكوفيون إلى أن لام الجَحْدِ هي الناصبة بنفسها، ويجوز إظهار "أن" بعدها للتوكيد، نحو:"ما كان زيد لأن يدخل دارك، وما كان عمرو لأن يأكل طعامك" ويجوز تقديم مفعول الفعل المنصوب بلام الجحد عليها، نحو "ما كان زيد دارك ليدخل، وما كان عمرو طعامك ليأكل".
وذهب البصريون إلى أن الناصب للفعل "أن" مقدرة بعدها، ولا يجوز إظهارها، ولا يجوز تقديم مفعول الفعل المنصوب بلام الجحد عليها.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنها هي العاملة بنفسها وجواز إظهار "أن" بعدها ما قدمناه في مسألة لام كي.
وأما الدليل على جواز تقديم المنصوب على الفعل المنصوب لام الجحد؛ فما قال الشاعر:
[٣٨٦]
لقد عَذَلَتْنِي أُمُّ عمرو، ولم أكن ... مَقَالَتَهَا ما كنتُ حيّا لأَسْمَعَا
[٣٨٦] هذا البيت من شواهد شرح ابن يعيش على المفصل "ص٩٣٦" وروى صدره "لقد وعدتني أم عمرو" ورضي الدين في نواصب المضارع من شرح الكافية، وشرحه البغدادي في الخزانة "٣/ ٦٢٢" وقال "ولم أقف على تتمته ولا على قائله" ومحل الاستشهاد بهذا البيت قوله "مقالتها" فقد وردت الرواية بنصب هذه الكلمة، وقد اتفق الفريقان الكوفيون والبصريون على ثبوت الرواية، ولكنهم اختلفوا في تخريجها، فقال الكوفيون: مقالتها مفعول به تقدم على عامله وهو الفعل المضارع المقترن بلام الجحود الذي هو قوله "لأسمعا" وجوزوا أن يتقدم معمول المضارع المنصوب بلام الجحود على اللام، وقال البصريون: لا يجوز أن يتقدم معمول المضارع المقرون بلام الجحود عليه، وزعموا أن قول الشاعر "مقالتها" مفعول به لفعل مضارع محذوف يدل عليه هذا الفعل المذكور، =