للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٩- مسألة: [القول في ناصب المضارع بعد لام التعليل] ١

ذهب الكوفيون إلى أن لام "كي" هي الناصبة للفعل من غير تقدير "أن" نحو "جئتك لتكرمني". وذهب البصريون إلى أن الناصب للفعل "أن" مقدرة بعدها، والتقدير: جئتك لأن تكرمني.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنها هي الناصبة لأنها قامت مقام كي، ولهذا تشتمل على معنى كي، وكما أن كي تنصب الفعل فكذلك ما قام مقامه.

ومنهم من تمسك بأن قال: إنما نصبت الفعل لأنها تفيد معنى الشرط، فأشبهت "إن" المخففة الشرطية، إلا أنَّ "إنْ" لما كانت أمَّ الجزاء أرادوا أن يفرقوا بينهما، فجزموا بإن، ونصبوا باللام؛ للفرق بينهما، ولم يكن للرفع مدخل في واحد من هذين المعنيين؛ لأنه يبطل مذهب الشرط؛ لأن الفعل المضارع إنما ارتفع لخلوّه من حرف الشرط وغيره من العوامل الجازمة والناصبة.

ولا يجوز أيضًا أن يقال "هلَّا نصبوا بإن وجزموا باللام وكان الفرق واقعًا" لأنا نقول: إنَّ إنْ لما كانت أمّ الجزاء كانت أولى باستحقاق الجزم، لأنها تفتقر إلى فعل الجزاء كما تفتقر إلى فعل الشرط فيطول الكلام، والجزم حذف، والحذف تخفيف، ومع طول الكلام يناسب الحذف والتخفيف، بخلاف اللام، فبان الفرق بينهما.

قالوا: ولا يجوز أن يقال "إنها لام الخفض التي تعمل في الأسماء" لأنا نقول: لو جاز أن يقال إن هذه اللام الداخلة على الفعل هي اللام الخافضة والفعل بعدها ينتصب بتقدير "أن" لجاز أن يقال "أمرت بتكرم" على تقدير: أمرت بأن


١ انظر في هذه المسألة: مغني اللبيب لابن هشام "ص٢١٠ بتحقيقنا" وشرح الأشموني مع حاشية الصبان "٣/ ٢٤٧" وتصريح الشيخ خالد الأزهري "٢/ ٣٠٧" وما بعدها" وشرح ابن يعيش على المفصل "ص١١٨٨ و١٢٢٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>