ذهب الكوفيون إلى أنه يجب العطف على الضمير المخفوض، وذلك نحو قولك "مررت بك وزيد"
وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنه يجوز أنه قد جاء ذلك في التنزيل وكلام العرب، قال الله تعالى:"وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ"[النساء: من الآية١] بالخفض وهي قراءة أحد القراء السبعة -وهو حمزة الزيات- وقراءة إبراهيم النخعي وقتادة ويحيى بن وثاب وطلحة بن مصرف والأعمش، ورواية الأصفهاني والحلبي عن عبد الوارث، وقال تعالى:{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}[النساء: ١٢٧] فما: في موضع خفض لأنه عطف على الضمير المخفوض في "فيهن" وقال تعالى: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إليكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ}[النساء: ١٦٢] فالمقيمين: في موضع خفض بالعطف على الكاف في "إليك" والتقدير فيه: يؤمنون بما أنزل إليك وإلى المقيمين الصلاة يعني من الأنبياء عليهم السلام، ويجوز أيضًا أن يكون عطفًا على الكاف في "قبلك" والتقدير فيه: ومن قبل المقيمين الصلاة، يعني من أمتك، وقال تعالى:{وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة: ٢١٧] فعطف "المسجد الحرام" على الهاء من "به" وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ}[الحجر: ٢٠] فمن: في موضع خفض بالعطف على
١ انظر في هذه المسألة: شرحنا على شرح الأشموني "٤/ ٥٣٥" وحاشية الصبان"٣/ ٩٩" وتصريح الشيخ خالد "٢/ ١٩٠" وقد رجح ابن مالك في هذه المسألة مذهب الكوفيين، وشرح الرضي على الكافية "١/ ٢٩٥" وشرح ابن يعيش على المفصل "ص٣٩٩".