للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤١- مسألة: [إذا فصل بين "كَمْ" الخبرية وتمييزها فهل يبقى التمييز مجرورً ا؟] ١

ذهب الكوفيون إلى أنه إذا فصل بين "كم" في الخبر وبين الاسم بالظرف وحرف الجر كان مخفوضًا، نحو: كم عندك رَجُلٍ، وكم في الدار غلامٍ؟. وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز فيه الجر، ويجب أن يكون منصوبًا.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه يكون مخفوضًا بدليل النقل والقياس:

أما النقل فقد قال الشاعر:

[١٨٦]

كم بِجُودٍ مُقْرِفٍ نَالَ العُلَى ... وشَرِيفٍ بُخْلُهُ قد وَضَعَهْ


[١٨٦] هذا البيت من كلام أنس بن زنيم، الكناني، أحد بني الديل بن بكر، وهو من شواهد سيبويه "١/ ٢٩٦", ابن يعيش في شرح المفصل "ص٥٨٢" ورضي الدين في شرح الكافية، وشرحه البغدادي في الخزانة "٣/ ١١٩" والأشموني "رقم ١١٣٨" والمقرف: النذل اللئيم الأب، ومعنى البيت أنه قد يرتفع اللئيم بجوده، ويتضع الكريم الأب بسبب بخله، ومحل الشاهد في البيت قوله "كم بجود مقرف نال العلا" واعلم أولا أن "كم" في هذا البيت خبرية تدل على التكثير، كأنك قلت: كثير من المقرفين نالوا العلا بسبب جودهم وكثير من الذين لهم آباء كرماء قد اتضع حالهم بسبب بخلهم، ثم أعلم ثانية أن قوله "مقرف" يروى بثلاثة أوجه: الرفع، والنصب، والجر، فما رواية الرفع فعلى أن تكون "كم" ظرفًا متعلقًا بقوله "نال" الآتي، ويكون "مقرف" مبتدأ، وجملة "نال العلا" في محل رفع خبر المبتدأ، وكأنه قال: مقرف نال العلا في مرات كثيرة بسبب جوده، وأما رواية النصب فعلى أن تجعل "مقرفًا" تمييزًا لكم الخبرية، وإنما نصب للفصل بينه وبينها، وأما رواية الجر فعلى أن تجعل "مقرف" بالجر تمييزًا لكم الخبرية على أصله، ولا تعتد بالفاصل بينهما، وكم على وجهي الجر والنصب مبتدأ، وجملة "نال العلا" في =

<<  <  ج: ص:  >  >>