[مسألة في إبراز الضمير إذا جرى الوصف على غير صاحبه]
...
٨- مسألة:[القول في إبراز الضمير إذا جرى الوصف على غير صاحبه] ١
ذهب الكوفيون إلى أن الضمير في اسم الفاعل إذا جرى على غير مَنْ هو له نحو قولك "هند زيد ضاربتُهُ هي" لا يجب إبرازه. وذهب البصريون إلى أنه يجب إبرازه، وأجمعوا على أن الضمير في اسم الفاعل إذا جرى على مَنْ هو له لا يجب إبرازه.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنه لا يجب إبرازه في اسم الفاعل إذا جرى على غير من هو له أنه قد جاء عن العرب أنهم قد استعملوه بترك إبرازه فيه إذا جرى على غير من هو له، قال الشاعر:
[٢٠]
وإنَّ امْرَأً أسرَى إليك ودونه ... من الأرض مُومَاةٌ وبيداءُ سَمْلَقُ
[٢٠] هذان البيتان من كلام الأعشى ميمون بن قيس، وقد أنشد أولهما رضي الدين في باب الحال، وأنشدهما معًا في باب الضمير، وانظر الخزانة "١/ ٥٥١"وقد أنشدهما ابن منظور "ح ق ق" منسوبين إليه. و"أسرى" سار ليلًا، وموماة: أي صحراء واسعة، والبيداء: هي الصحراء أيضًا، سموها بذلك لأن سالكها يبيد فيها، أي يهلك، وسموها أيضًا مفازة من الفوز تفاؤلًا لسالكها بأن ينجو من الهلكة، وسملق: أي قفر لا نبات فيها، ويقال للرجل: أنت حقيق أن تفعل كذا، وأنت محقوق أن تفعله، ويقال للمرأة: أنت حقيقة لذلك، وأنت محقوقة أن تفعلي ذلك، ومعنى ذلك أنت جديرة وخليقة وحرية، والمراد أنه يلزمك فعله لأن فعله حق من الحقوق التي لزمتك. والاستشهاد به في قوله "لمحقوقة" فإن هذه الكلمة وقعت خبرا لإن في أول البيتين، وهذا الخبر جار على غير مبتدئه، نعني أنه وصف لغير المبتدأ الذي وقع هو خبرا عنه، ومع ذلك لم يبرز الضمير معه، ولو أبرزه لقال: لمحقوقة أنت، وما أشبه ذلك، فلما لم يبرزه دلّ على أن إبرازه ليس بضربة لازب، وسيأتي للمؤلف فيما يلي إخراج هذا الشاهد عن أصل المسألة فيجعل قوله لمحقوقة مبتدأ خبره المصدر المؤول من "أن تستجيبي" أو مبتدأ و "أن تستجيبي" فاعل أغنى عن خبر المبتدأ وسننبه على ذلك هناك.