ذهب الكوفيون إلى أن "إلا" تكون بمعنى الواو. وذهب البصريون إلى أنها لا تكون بمعنى الواو.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك لمجيئه كثيرًا في كتاب الله تعالى وكلام العرب، قال الله تعالى:{لِئَلَّا يكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيكُمْ حُجَّةٌ الَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}[البقرة: ١٥٠] أي ولا الذين ظلموا، يعني ولا الذين ظلموا لا يكون لهم أيضًا حجة، ويؤيد ذلك ما روى أبو بكر بن مجاهد عن بعض القراء أنه قرأ:"إلى الذين ظلموا" مخففًا يعني مع الذين ظلموا منهم، كما قال تعالى:{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيدِيكُمْ إلى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلى الْكَعْبَينِ}[المائدة: ٦] أي مع المرافق ومع الكعبين، وكما قال تعالى:{مَنْ أنْصَارِي إلى اللَّهِ}[آل عمران: ٥٢] أي مع الله، وكما قال تعالى:{وَلا تَأْكُلُوا أمْوَالَهُمْ إلى أمْوَالِكُم}[النساء: ٢] أي مع أموالكم، وكقولهم في المثل:"الذّود إلى الذّود إبل" أي مع الذّود، وكقول ابن مُفَرِّغٍ:
[١٥٦]
شَدَخَتْ غُرَّةُ السَّوَابِقِ فيهم ... في وجوه إلى اللّمَام الجِعَاد
[١٥٦] هذا البيت من كلام ابن مفرغ الحميري، واسمه يزيد بن ربيعة، وقد روى ابن منظور هذا البيت في اللسان مرتين، أولاهما: في "ش د خ" وقال قبل إنشاده "وقال الراجز" وهذا سبق قلم منه؛ فإن البيت من الخفيف، وليس رجزًا، وثانيتهما: في "ل م م" ونسبه إلى ابن مفرغ. وشدخت: أي اتسعت في الوجهن قال أبو عبيدة: "يقال لغرة الفرس إذا كانت مستديرة: وتيرة، فإذا سالت وطالت فهي شادخة" ا. هـ. والغرة -بضم الغين وتشديد الراء- بياض في جبهة الفرس، والسوابق: جمع سابق، وأصله الفرس يأتي في الحلبة سابقًا، =