ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز ترك صرف ما ينصرف في ضرورة الشعر، وإليه ذهب أبو الحسن الأخفش وأبو علي الفارسي وأبو القاسم بن برهان من البصريين، وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز، وأجمعوا على أنه يجوز صرف ما لا ينصرف في ضرورة الشعر.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنه يجوز ترك صرف ما ينصرف في ضرورة الشعر أنه قد جاء ذلك كثيرًا في أشعارهم، قال الأخطل:
[٣١٠]
طَلَبَ الأَزَارِقَ بِالكَتَائِبِ إذ هَوَتْ ... بِشَبِيبِ غَائِلَةِ الثُّغُورِ غَدُورُ
[٣١٠] هذا البيت للأخطل -غياث بن الغوث- التغلبي، من كلمة يمدح فيها سفيان بن الأبيرد، وهو من شواهد الأشموني "رقم ٩٩٤" وابن هشام في أوضح المسالك "رقم ٤٨٧" وابن الناظم في باب ما لا ينصرف من شرح الألفية، وشرحه العيني "٤/ ٣٦٢ بهامش الخزانة" والأزارق: جمع أزرقي، وهو المنسوب إلى نافع بن الأزرق، رأس الخوارج، وكان من حق العربية عليه أن يقول "الأزارقة" لأنهم يزيدون التاء في الجمع عوضًا عن ياء النسبة التي تكون في المفرد، قالوا: المهالبة، والأشاعرة، في جمع أشعري ومهلبي، ولكنه حذف التاء حين اضطر لإقامة الوزن، والكتائب: جمع كتيبة، وهي الفرقة من الجيش، وتطلق الكتيبة على الخيل المغيرة من المائة إلى الألف، وهوت: سقطت، وشبيب: هو شبيب بن يزيد بن نعيم الشيباني، وكان رأسًا من رءوس الخوارج في عهد عبد الملك بن مروان، وقاتله الحجاج بن يوسف الثقفي. ومحل الاستشهاد بالبيت ههنا قوله: "بشبيب" حيث منعه من الصرف مع أنه ليس فيه إلا العلمية، وهي وحدها لا تقتضي المنع من الصرف، وإنما تقتضيه إذا انضمت إليه علة أخرى مثل التأنيث في فاطمة وحمزة وزينب، ومثل العدل في عمر وزفر وجمح، ومثل زيادة الألف والنون في عثمان وعفان وعمران، ومثل وزن الفعل =