ذهب الكوفيون إلى أن "عليك، ودونك، وعندك" في الإغراء يجوز تقديم معمولاتها عليها، نحو "زيدًا عليك، عمرًا عندك، وبكرًا دونك". وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز تقديم معمولاتها عليها، وإليه ذهب الفراء من الكوفيين.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنه يجوز تقديم معمولاتها عليها النقل والقياس.
أما النقل فقد قال الله تعالى:{كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}[النساء: ٢٤] والتقدير فيه: عليكم كتاب الله: أي الزموا كتاب الله، فنصب كتاب الله بعليكم، فدَّل على جواز تقديمه. واحتجوا أيضًا بالأبيات المشهورة:
[١٤٣]
يا أيها المائح دَلْوِي دُونَكُمَا ... إني رأيت الناس يَحْمِدُونَكَا
[١٤٣] هذا الشاهد قد أنشده رضي الدين في باب أسماء الأفعال، وشرحه البغدادي في الخزانة "٢/ ١٥" وأنشده ابن يعيش "ص١٤٤" وأنشده ابن هشام في مغني اللبيب "رقم ٨٥٩" وفي أوضح المسالك "رقم ٤٦٤" وأنشده الأشموني "رقم ٩٣٨" وهو من كلام راجز جاهلي من بني أسيد بن عمرو بن تميم، ونسبه الشيخ خالد لجارية من مازن، والصواب ما قدمناه وأن الجارية روته وليس لها. والمائح -بالهمزة- هو الرجل يكون في جوف البئر يملأ الدلاء، فإن كان وقوفه على شفير البئر ينزع الدلاء ويجذبها فهو ماتح -بالتاء- ودونكا: معناه خذ، والاستشهاد في قوله دلوي دونكا" فإن ظاهره أن "دلوي" مفعول به مقدم لدونك، وبهذا الظاهر أخذ الكسائي وجماعة من الكوفيين وبَنَوْا على قاعدة حاصلها أنه يجوز تقديم معمول اسم الفعل عليه، حملًا على الفعل؛ لأن اسم الفعل إنما عمل لكونه تضمن معنى الفعل، والفعل يجوز تقديم معموله عليه، ومن تمام حمل اسم الفعل على الفعل أن يجوز في اسم الفعل ما جاز في الفعل خصوصًا أنه قد ورد عن العرب في مثل =