٣- مسألة:[القولُ في إعراب المثنَّى والجمع على حَدِّه] ١
ذهب الكوفيُّون إلى أن الألف والواو والياء في التثنية والجمع بمنزلة الفتحة والضمة والكسرة في أنها إعراب، وإليه ذهب أبو عليّ قُطْرُبُ بن المستنير، وزعم قوم أنه مذهب سيبويه، وليس بصحيح. وذهب البصريّون إلى أنها حروف إعراب. وذهب أبو الحسن الأخفش وأبو العباس المبرّد وأبو عثمان المازني إلى أنها ليست بإعراب ولا حروف إعراب، ولكنها تدل على الإعراب، وذهب أبو عمر الجَرْمِي إلى أن انقلابها هو الإعراب، وحُكي عن أبي إسحاق الزجاج أن التثنية والجمع مبنيان، وهو خلاف الإجماع.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنها إعراب كالحركات أنها تتغير كتغير الحركات، ألا ترى أنك تقول: قام الزيدان، ورأيت الزيدين، ومررت بالزيدين. وذهب الزيدون، ورأيت الزيدين، ومررت بالزيدين، فتتغير كتغير الحركات، نحو "قام زيد، ورأيت زيدًا، ومررت بزيد" وما أشبه ذلك، فلما تغيرت كتغير الحركات دلّ على أنها إعراب بمنزلة الحركات، ولو كانت حروفَ إعراب لما جاز أن تتغير ذَوَاتُها عن حالها؛ فلما تغيرت تغير الحركات دلّ على أنها بمنزلتها، ولهذا سماها سيبويه حروف الإعراب؛ لأنها الحروف التي أعرب الاسم بها، كما يقال: حركات الإعراب -أي الحركات التي أعرب الاسم بها- والذي يدل على ذلك أنه جعل الألف في التثنية رفعًا فقال: يكون في الرفع ألفًا، وجعل الياء فيها جرًّا فقال: يكون في الجر ياء مفتوحًا ما قبلها، وجعل الياء أيضًا نصبًا حملًا على الجر فقال:
١ انظر في هذه المسألة: شرح الرضي على كافية ابن الحاجب "٢/ ١٦٠" وشرح موفق الدين بن يعيش على المفصل "ص٦٣ و ٥٨٨ أوروبة" وشرح الأشموني "١/ ٤٤ بتحقيقنا" وحاشية الصبان "١/ ٨٠ بولاق" وتصريح الشيخ خالد "١/ ٧٧ بولاق".