للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٣- مسألة: [المحذوف من التاءين المبدوء بهما المضارع] ١

ذهب الكوفيون إلى أنه إذا اجتمع في أول المضارع تاءان: تاء المضارعة وتاء أصلية -نحو "تَتَنَاوَلُ، وتَتَلَوَّنُ"- فإن المحذوف منها تاء المضارعة دون الأصلية، نحو "تَنَاولُ، وتَلَوَّنُ".

وذهب البصريون إلى أن المحذوف منهما التاء الأصلية، دون تاء المضارعة.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك لأنه لما اجتمع في أول هذا الفعل حرفان متحركان من جنس واحد -وهما التاء المزيدة للمضارعة والتاء الأصلية- استثقلوا اجتماعهما؛ فوجب أن تحذف إحداهما؛ فلا يخلو: إما أن تحذف الزائدة، أو الأصلية، فكان حذف الزائدة أولى من الأصلية؛ لأن الزائد أضعف من الأصلي، والأصلي أقوى من الزائد؛ فلما وجب حذف أحدهما كان حذف الأضعف أولى من حذف الأقوى.

وأما البصريون فقالوا: إنما قلنا إن حذف الأصلية أولى من الزائدة؛ لأن الزائدة دخلت لمعنى وهو المضارعة، والأصلية ما دخلت لمعنى؛ فلما وجب حذف إحداهما كان حذف ما لم يدخل لمعنى أولى.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم: "إن الزائد أضعف من الأصلي فكان حذفه أولى" قلنا: لا نسلم هذا مطلقًا؛ فإن الزائد على ضربين: زائد جاء لمعنى، وزائد لم يجئ لمعنى، فأما الزائد الذي جاء لمعنى فلا نسلم فيه أن الأصلي أقوى منه، وأما الزائد الذي ما جاء لمعنى فمسلَّم أنه أقوى؛ ولكن لا نسلم أنه قد وجد ههنا، وهذا لأن التاء ههنا جاءت لمعنى المضارعة؛ فقد جاءت لمعنى، وإذا كانت قد جاءت لمعنى فيجب أن تكون تَبْقِيَتُهَا أولى؛ لأن في


١ انظر في هذه المسألة: شرح الأشموني مع حاشية الصبان "٤/ ٢٩٤ بولاق" وتصريح الشيخ خالد الأزهري "٢/ ٤٩٩ بولاق"

<<  <  ج: ص:  >  >>