٣٧- مسألة:[حاشى في الاستثناء، فعل أو حرف أو ذات وجهين] ١
ذهب الكوفيون إلى أن "حاشى" في الاستثناء فعل ماضٍ، وذهب بعضهم إلى أنه فعل استعمل استعمال الأدوات، وذهب البصريون إلى أنه حرف جر، وذهب أبو العباس المُبَرِّد إلى أنه يكون فعلًا ويكون حرفًا.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنه فعل أنه يتصرف، والدليل على أنه يتصرف قول النابغة:
[١٦٥]
ولا أرى فاعلًا في الناس يُشْبِهُهُ ... وما أُحَاشِي من الأقوام من أحد
[١٦٥] هذا البيت من قصيدة النابغة الذبياني المعلقة التي منها الشاهد رقم ١٥٩ السابق في المسألة ٣٥ وهو من شواهد ابن يعيش "ص٢٩٩" ومغني اللبيب "رقم ١٨٦" والأشموني "رقم ٤٦٧" والرضي في باب الاستثناء، وشرحه البغدادي في الخزانة "٢/ ٤٤" وأنشده ابن منظور مرتين "ح ش ا" وقوله "ولا أحاشي" أراد لا أستثني أحدًا ممن يفعل الخير، و "من" في قوله "من أحد" زائدة، وأحد بعدها: مفعول به لأحاشي. والاستشهاد بالبيت في قوله "ولا أحاشي" فإن هذا فعل مضارع بمعنى استثني، وقد جاء في كلام العرب المحتج بكلامهم، فيدل على أن "حاشا" التي تستعمل في الاستثناء فعل، وأنه مع ذلك متصرف، وهذا أحد ثلاثة أدلة للكوفيين استدلوا بها على أن "حاشا" الاستثنائية فعل، والثاني: أن حرف الجر يأتي بعدها متعلقًا بها نحو قوله تعالى: {حَاشَ لِلَّهِ} والثالث: أنه قد يتصرف في لفظها بالحذف فيقال: حشا، وحاش، وقد علم أن الحذف لا يكون إلا في الاسم نحو يد ودم وأخ وغد وأب وحم "انظر ما ذكرناه في المسألة الأولى من هذا الكتاب" أو في الفعل نحو قولهم: لم يك، ولا أدر، ولم أبل والأصل: لم يكن: ولا أدري، ولم أبال وقد ذكر المؤلف هذه الأدلة، وحاول أن يرد كل واحد منها بما تراه في كلامه، وسنتعرض له في شرح الشواهد الآتية، وهذا لأن سيبويه لم يحفظ في "حاشا" إلا الجر =