للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢- مسألة: "القول في رافع الخبر بعد "إنَّ" المؤكدة" ١

ذهب الكوفيون إلى أن "إنَّ" وأخواتها لا ترفع الخبر، نحو "إنَّ زيدًا قائم" وما أشبه ذلك. وذهب البصريون إلى أنها ترفع الخبر.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: أجمعنا على أن الأصل في هذه الأحرف أن لا تنصب الاسم، وإنما نصبته لأنها أشبهت الفعل؛ فإذا كانت إنما عملت لأنها أشبهت الفعل فهي فَرْعٌ عليه، وإذا كانت فرعًا عليه فهي أضعف منه؛ لأن الفرع أبدًا يكون أضعف من الأصل؛ فينبغي أن لا يعمل في الخبر، جريًا على القياس في حَطّ الفروع عن الأصول؛ لأنا لو أعملناه عَمَلَه لأدَّى ذلك إلى التسوية بينهما، وذلك لا يجوز؛ فوجب أن يكون باقيًا على رفعه قبل دخولها. والذي يدلُّ على ضعف عملها أنه يدخل على الخبر ما يدخل على الفعل لو ابتدئ به، قال الشاعر:

[١٠٥]

لا تَتْرُكَنِّي فيهم شَطِيرًا ... إني إذن أَهْلِكَ أو أَطِيرَا


[١٠٥] لم أعثر لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده ابن منظور "ش ط ر" ولم يعزه، وأنشده الرضي في شرح الكافية في نواصب المضارع، وشرحه البغدادي في الخزانة "٣/ ٥٧٣" والأشموني "رقم ١٠١٣"وابن هشام في المغني "رقم ٢١" وفي أوضح المسالك "رقم ٤٩٦"". والشطير -بفتح الشين- مثل الغريب والبعيد في الوزن وفي المعنى، وأهلك: معناه أموت، وأطير: معناه الأصلي أذهب بعيدًا، أو أحلّق في الجو.
والاستشهاد به في قوله "إني إذن أهلك" حيث نصب الفعل المضارع الذي هو قوله "أهلك" بعد إذن الذي هو حرف جواب، مع أن إذن في ظاهر اللفظ غير واقعة في صدر الكلام، بل هي مسبوقة بإني، وقد أخذ جماعة من النحاة بظاهر اللفظ وحكموا بأن جملة "إذن أهلك" في محلّ رفع خبر إن، وقالوا: إن نصب المضارع بعد إذن هنا ضرورة من =

<<  <  ج: ص:  >  >>