للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٨- مسألة: [هل يجوز أن يعطف بـ"لكن" بعد الإيجاب؟]

ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز العطف بـ"لكن" في الإيجاب، نحو: "أتاني زيد لكن عمرو". وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز العطف بها في الإيجاب، فإذا جيء بها في الإيجاب وجب أن تكون الجملة التي بعدها مخالفة للجملة التي قبلها، نحو "أتاني زيد لكن عمرو لم يأت" وما أشبه ذلك. وأجمعوا على أنه يجوز العطف بها في النفي.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: أجمعنا على أن "بل" يجوز العطف بها بعد النفي والإيجاب؛ فكذلك "لكن" وذالك لاشتراكهما في المعنى، ألا ترى أنك تقول "ما جاءني زيد لكن عمرو" فتثبت المجيء للثاني دون الأول، كما لو قلت "ما جاءني زيد بل عمرو" فتثبت المجيء للثاني دون الأول، فإذا كانا في معنى واحد، وقد اشتركا في العطف بهما في النفي، فكذلك في الإيجاب.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه لا يجوز العطف بها بعد الإيجاب وذلك لأن العطف بها في الإيجاب إنما يكون في الغلط والنسيان، ألا ترى أنك لو عطفت بها بعد الإيجاب لكنت تقول "جاءني زيد لكن عمرو" فكنت تثبت للثاني بلكن المجيء الذي أثبته للأول، فيعلم أن الأول مرجوع عنه كالعطف ببل في الإيجاب، نحو جاءني زيد بل عمرو" وإذا كان العطف بلكن في الإيجاب إنما يكون في الغلط والنسيان فلا حاجة إليها؛ لأنه قد استغنى عنها ببل في الإيجاب؛ لأنه لا حاجة إلى تكثير الحروف الموجبة للغلط، وقد يستغنى بالحرف عن الحرف في بعض الأحوال إذا كان في معناه، ألا ترى أنهم استغنوا بإليك عن حَتَّاكَ، وبمثلك عن كَكَ، وكذلك استغنوا عن وَدَعَ بِتَرَكَ؛ لأنه في معناه، وكذلك استغنوا به عن وَذَرَ، وكذلك استغنوا بمصدر ترك واسم الفاعل منه عن مصدر ودع ووذر، وعن اسم الفاعل منهما، فيقال: ترك تركًا فهو تارك، ولا يقال: وَدَعَ وَدْعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>