للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٤- مسألة: [عامل الجزم في جواب الشرط] ١

ذهب الكوفيون إلى أن جواب الشرط مجزوم على الجِوَارِ، واختلف البصريون؛ فذهب الأكثرون إلى أن العامل فيهما حرف الشرط، وذهب آخرون إلى أن حرف الشرط وفعل الشرط يعملان فيه، وذهب آخرون إلى أن حرف الشرط يعمل في فعل الشرط، وفعل الشرط يعمل في جواب الشرط، وذهب أبو عثمان المازني إلى أنه مبنيّ على الوَقْفِ.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه مجزوم على الجوار لأن جواب الشرط مجاور لفعل الشرط، لازم له، لا يكاد ينفكُّ عنه، فلما كان منه بهذه المنزلة في الجوار حمل عليه في الجزم، فكان مجزوما على الجوار، والحمل على الجوار كثير، قال الله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ والْمُشْرِكِينَ} [البينة: ١] وجه الدليل أنه قال: {وَالْمُشْرِكِينَ} بالخفض على الجوار، وإن كان معطوفا على {الَّذِينَ} فهو مرفوع لأنه اسم "يكن"، وقال تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وأَرْجُلَكُمْ إلى الكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦] بالخفض على الجوار، وهي قراءة أبي عمرو، وابن كثير، وحمزة، ويحيى عن عاصم، وأبي جعفر، وخلف، وكان ينبغي أن يكون منصوبًا؛ لأنه معطوف على قوله: {فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ وأَيْدِيَكُم} [المائدة: ٦] كما في القراءة الأخرى، وهي قراءة نافع، وابن عامر، والكسائي، وحفص عن عاصم، ويعقوب، ولو كان معطوفًا على قوله: {بِرُؤُوسِكُمْ} لكان ينبغي أن تكون الأرجل ممسوحة لا مغسولة، وهو مخالف لإجماع أئمة الأمة من السلف والخلف، إلا فيما لا يعد خلافًا، ثم قال زهير:

[٣٨٩]

لَعِبَ الرِّيَاحُ بها وغَيَّرَهَا ... بَعْدِي سَوَافِي المُورِ والقَطْرِ


[٣٨٩] هذا البيت من كلام زهير بن أبي سلمى المزني، وهو البيت التالى للشاهد رقم ٢٣٢ =

<<  <  ج: ص:  >  >>