للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢١- مسألة: [القول في تقديم معمول الفعل المقصور عليه] ١

ذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز "ما طعامك أكل إلا زيدٌ".

وذهب البصريون إلى أنه يجوز، وإليه ذهب أبو العباس أحمد بن يحيى ثَعْلَب من الكوفيين.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك لأن الأصل في"زيد" أن لا يكون هو الفاعل، وإنما الفاعل في الأصل محذوف قبل إلَّا؛ لأن التقدير فيه: ما أكل أحد طعامك إلا زيدٌ، والذي يدل على ذلك قولهم "ما خرج إلا هند، وما ذَهَبَ إلا دعدٌ" ولو كان الفعل لدعد وهند في الحقيقة لأثبتوا فيه علامة التأنيث؛ لأن الفاعل مؤنث حقيقي، فلما لم يثبتوا في الفعل علامة دلّ على أن الفاعل هو "أحد" المحذوف، ويدل عليه أيضًا، أن "إلا" بابها الاستثناء، والاستثناء يجب أن يكون من الجملة، ولا بُدّ أن يقدر قبلها ما يصحّ أن يكون الذي بعدها مستثنى منه؛ فوجب أن يكون التقدير: ما أكل أحد طعامك إلا زيد، إلا أنه اكتفى بالفعل من "أحد" فصار بمنزلته، والاسم لا يتقدم صلته عليه، ولا يفرق بينها وبينه، فكذلك الفعل الذي قام مقامه.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما جوزنا ذلك لأن "زيد" مرفوع بالفعل، والفعل متصرف؛ فجاز تقديم معموله عليه كقولهم "عمرًا ضَرَبَ زيدٌ" وكذلك سائر الأفعال المتصرفة.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم "إن الأصل ألا يكون زيد هو الفاعل؛ لأن التقدير؛ ما أكل أحد طعامك إلا زيدًا" قلنا: لا نسلم أن "أحدًا" مقدَّر من جهة اللفظ، وإنما هو مقدر من جهة المعنى، كما أن المعنى يدل على أن


١ انظر في هذه المسألة: تصريح الشيخ خالد "١/ ٣٤٢" وحاشية الصبان على الأشموني "٢/ ٤٤ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>