٤٧- مسألة: [القول في الميم في "اللهمّ" أَعِوَضٌ من حرف النداء أم لا؟] ١
ذهب الكوفيون إلى أن الميم المشدّدة في "اللهم" ليست عوضًا من "يا" التي للتنبيه في النداء. وذهب البصريون إلى أنها عوض من "يا" التي للتنبيه في النداء، والهاء مبنية على الضم لأنه نداء.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك لأن الأصل فيه "يا الله أمَّنا بخير" إلا أنه لما كثر في كلامهم وجرى على ألسنتهم حَذَفُوا بعض الكلام طلبًا للخفة، والحذف في كلام العرب لطلب الخفة كثير؛ ألا ترى أنهم قالوا "هلمَّ، ووَيْلُمِّهِ" والأصل فيه: هل أمَّ، ووَيْلَ أمه، وقالوا "أيش" والأصل: أيُّ شيء.
وقالوا "عم صباحًا" والأصل: أنعم صباحًا. وهذا كثير في كلامهم.
قالوا: والذي يدل على أن الميم المشددة ليست عوضًا من "يا" أنهم يجمعون بينهما، قال الشاعر:
[٢١٤]
إني إذا ما حَدَثٌ أَلَمَّا ... أقول: يا اللهمَّ، يا اللهُمَّا
[٢١٤] هذان بيتان من الرجز المشطور، وقد أنشدهما ابن منظور في لسان العرب "أل هـ" ورضي الدين في شرح الكافية "١/ ١٣٢" وشرحهما البغدادي في الخزانة "١/ ٣٥٨" وأنشدهما الأشموني "رقم ٨٨٠" وابن عقيل "رقم ٣١٠" وابن هشام في أوضح المسالك "رقم ٤٣٩" وابن يعيش "ص١٨١" والحدث –بالتحريك- ما يحدث من الأمور، ومحل الاستشهاد هنا قوله "يا اللهم" حيث جمع الشاعر بين حرف النداء والميم المشددة في نداء لفظ الجلالة، واعلم أولا أن نداء لفظ الجلالة قد ورد على عدة أوجه؛ الوجه الأول -وهو الأصل، والأكثر استعمالًا- أن تقول: يا ألله، تدخل حرف النداء على الاسم الجليل، وتقطع الهمزة، والوجه الثاني: أن تقول: يا الله، تدخل حرف النداء على الاسم العظيم، =